الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ويل يومئذ للمكذبين

                                                                                                                                                                                                الكفات: من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه: وهو اسم ما يكفت، كقولهم: الضمام والجماع لما يضم ويجمع، يقال: هذا الباب جماع الأبواب، وبه انتصب: أحياء وأمواتا كأنه قيل: كافتة أحياء وأمواتا. أو بفعل مضمر يدل عليه وهو تكفت. والمعنى: تكفت أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها. وقد استدل بعض أصحاب الشافعي رحمه الله على قطع النباش بأن الله تعالى جعل الأرض كفاتا للأموات، فكان بطنها حرزا لهم; فالنباش سارق من الحرز. فإن قلت: لم قيل أحياء وأمواتا على التنكير، وهي كفات الأحياء والأموات جميعا؟ قلت: هو من تنكير التفخيم، كأنه قيل: تكفت أحياء لا يعدون وأمواتا لا يحصرون، على أن أحياء الإنس وأمواتهم ليسوا بجميع الأحياء والأموات. ويجوز أن يكون المعنى: تكفتكم أحياء وأمواتا، فينتصبا على الحال من الضمير; لأنه قد [ ص: 289 ] علم أنها كفأت الإنس. فإن قلت: فالتنكير في رواسي شامخات و ماء فراتا ؟ قلت: يحتمل إفادة التبعيض; لأن في السماء جبالا؛ قال الله تعالى: وينزل من السماء من جبال فيها من برد [النور: 43]. وفيها ماء فرات أيضا، بل هي معدنه ومصبه، وأن يكون للتفخيم.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية