الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                106 ص: فقد روينا في هذه الآثار تطهر كل واحد من الرجل والمرأة بسؤر صاحبه، فضاد ذلك ما روينا في أول هذا الباب; فوجب النظر ها هنا لنستخرج به من المعنيين المتضادين معنى صحيحا، فوجدنا الأصل المتفق عليه أن الرجل والمرأة إذا أخذا بأيديهما الماء معا من إناء واحد أن ذلك لا ينجس الماء، ورأينا النجاسات كلها إذا وقعت في الماء قبل أن يتوضأ منه أو مع التوضئ منه أن حكم كل ذلك سواء، فلما كان ذلك كذلك وكان وضوء كل واحد من الرجل ومن المرأة مع صاحبه لا ينجس الماء عليه; كان وضوءه بعده من سؤره في النظر أيضا كذلك، فثبت بهذا ما ذهب إليه الفريق الآخر، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بهذه الآثار: الأحاديث التي وردت عن عائشة ، وأم سلمة ، وأم صبية ، وأنس ، وابن عباس - رضي الله عنهم -.

                                                وأراد بما روينا في أول هذا الباب: حديث عبد الله بن سرجس ، والحكم الغفاري وجه التضاد بينهما ظاهر; لأن أحاديث أول الباب تمنع اغتسال الرجل بفضل المرأة واغتسال المرأة بفضل الرجل ، وأحاديث عائشة ومن معها تطلق ذلك وتجوزه، ففي مثل هذا يطلب المخلص، ووجوهه كثيرة على ما عرف في موضعه، منها: يكون بدلالة التاريخ، وهو أن يكون أحد النصين موجبا للحظر والآخر موجبا للإباحة كما فيما نحن فيه، وكان الذي ينبغي على هذا أن تكون أحاديث أول الباب متأخرة عن الأحاديث الأخرى، ولكن هنا أبقى ما كان على ما كان; لكون الإباحة أصلا فصارت الأحاديث [...] كالمنسوخة [...] .

                                                [ ص: 216 ] وقد قال البيهقي في الخلافيات:

                                                وحديث أبي حاجب عن الحكم إن كان صحيحا فمنسوخ، بإجماع الحجة على خلافه.

                                                قوله: "وكان وضوء" الواو فيه للحال.

                                                قوله: "فثبت بهذا" أي بما ذكرنا من وجه النظر.

                                                قوله: "وهو قول أبي حنيفة " أي الذي ذكرنا من ثبوت ما ذهب إليه الفريق الآخر، وهو قول الشافعي ، ومالك أيضا.




                                                الخدمات العلمية