الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عهن ) العين والهاء والنون أصل صحيح يدل على لين وسهولة وقلة غذاء في الشيء .

                                                          قال الخليل : العاهن : المال الذي يتروح على أهله ، وهو العتيد الحاضر . يقال : أعطاه من عاهن ماله . وأنشد :

                                                          [ ص: 176 ]

                                                          فقتل بقتلانا وسبي بسبينا ومال بمال عاهن لم يفرق

                                                          قال الشيباني : العاهن : العاجل : يقال : ما أعهن ما أتاك . قال : ويقولون : أبعاهن بعت أم بدين . قال ابن الأعرابي : يقال عاهن ، إذا كان في يدك تقدر عليه ، وقد عهن يعهن عهونا ، وأنشد للشاعر :


                                                          ديار ابنة الضمري إذ وصل     حبلها متين وإذ معروفها لك عاهن

                                                          أي حاضر مقيم . قال أبو زيد : عهن من فلان خير أو خبر - أنا أشك في ذلك - يعهن عهونا ، إذا خرج منه . قال النضر : يقال : اعهن له أي عجل له . وقد عهن له ما أراد . قال ابن حبيب : يقال هو يلقي الكلام على عواهنه ، إذا لم يبال كيف تكلم . وهذا قياس صحيح ، لأنه لا يقوله بتحفظ وتثبت . وربما قالوا : يرمي الكلام على عواهنه ، إذا قاله بما أداه إليه ظنه من دون يقين . وهو ذلك المعنى .

                                                          ومن هذا الباب : قضيب عاهن ، أي متكسر منهصر . ويقال : في القضيب عهنة ، وذلك انكسار من غير بينونة إذا نظرت إليه حسبته صحيحا ، وإذا هززته انثنى . ويقال للفقير : عاهن من ذلك . وربما قالوا عهنت القضيب أعهنه عهنا . فأما الذي يحكى عن أبي الجراح أنه قال : عهنت عواهن النخل ، إذا يبست تعهن عهونا ، فغلط ، لأن القياس بخلاف ذلك . قال ابن الأعرابي : عواهن النخل : ما يلي قلب النخلة من الجريد . وهذا أصح من الأول وروي عن النبي - عليه الصلاة والسلام - [ أنه ] قال لبعض أصحابه : ائتني بسعف واجتنب العواهن [ ص: 177 ] ; لأنها رطبة . قال بعض أهل اللغة : أهل الحجاز يسمون السعفات التي تلي القلبة : العواهن; لأنها رطبة لم تشتد . فأما قولهم إن العاهن : الحابس ، وإنشادهم للنابغة :


                                                          أقول لها لما ونت وتخاذلت     أجدي فما دون الجبا لك عاهن



                                                          فهو عندنا غلط ، وإنما معناه على موضوع القياس الذي قسناه ، أن ما دون الجبا ممكن غير ممنوع ، أي السبيل إليه سهل . ويكون " ما " في معنى اسم .

                                                          ومن الباب إن كان صحيحا ما رواه ابن السكيت ، أن العواهن : عروق في رحم الناقة . وأنشد لابن الرقاع :


                                                          أوكت عليها مضيقا من عواهنها     كما تضمن كشح الحرة الحبلا

                                                          كأنه شبه تلك العروق بعواهن النخل . وأما العهن ، وهو الصوف المصبوغ ، فليس ببعيد أن يكون من القياس; لأن الصبغ يلينه . والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية