الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، وهو قسمان: مفهوم موافقة. ومفهوم مخالفة. فالأول: ما يوافق حكمه المنطوق، فإن كان أولى سمي فحوى الخطاب. كدلالة: فلا تقل لهما أف - على تحريم الضرب لأنه أشد. وإن كان مساويا سمي لحن الخطاب، أي معناه، كدلالة: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما - على تحريم الإحراق، لأنه مساو للأكل في الإتلاف. [ ص: 171 ] واختلف هل دلالة ذلك قياسية أو لفظية، مجازية أو حقيقية، على أقوال بيناها في كتبنا الأصولية. والثاني: ما يخالف حكمه المنطوق، وهو أنواع: مفهوم صفة، نعتا كان أو حالا أو ظرفا أو عددا، نحو: إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا . مفهومه أن غير الفاسق لا يجب التبين في خبره، فيجب قبول خبر الواحد العدل. ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد . الحج أشهر معلومات ، أي فلا يصح الإحرام به في غيرها. فاذكروا الله عند المشعر الحرام ، أي فالذكر عند غيره ليس محصلا للمطلوب. فاجلدوهم ثمانين جلدة ، أي لا أقل ولا أكثر. وشرط نحو: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن . أي فغير أولات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن. وغاية، نحو: فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ، أي فإذا نكحته تحل للأول بشرطه. وحصر، نحو: لا إله إلا الله . أنما إلهكم إله واحد ، أي فغيره ليس بإله. فالله هو الولي أي فغيره ليس بولي. لإلى الله تحشرون أي لا إلى غيره. إياك نعبد ، أي لا غيرك. واختلف في الاحتجاج بهذه المفاهيم على أقوال كثيرة. والأصح في الجملة أنها كلها حجة بشروط: منها: ألا يكون المذكور خرج للغالب، ومن ثم لم يعتبر الأكثرون مفهوم قوله: وربائبكم اللاتي في حجوركم ، فإن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج، فلا مفهوم له، لأنه إنما خص بالذكر لغلبة حضوره في الذهن. وألا يكون موافقا للواقع، ومن ثم لا مفهوم لقوله: [ ص: 172 ] ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له . وقوله: لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين . وقوله: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا . والاطلاع على ذلك من فوائد معرفة أسباب النزول.

فائدة قال بعضهم: الألفاظ إما أن تدل بمنطوقها، أو بفحواها، أو بمفهومها، أو باقتضائها وضرورتها، أو بمعقولها المستنبط منها، حكاه ابن الحصار، وقال: هذا كلام حسن. قلت: فالأول دلالة المنطوق. والثاني دلالة المفهوم. والثالث دلالة الاقتضاء. والرابع دلالة الإشارة.

التالي السابق


الخدمات العلمية