الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وأما الذي يعزم على الجن ، ويزعم أنه يجمعها فتطيعه فلا يكفر ، ولا يقتل ، وذكره أبو الخطاب في السحرة الذين يقتلون .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وأما الذي يعزم على الجن ، ويزعم أنه يجمعها فتطيعه ، فلا يكفر ولا يقتل ) وهو المعزم ، وكذا من يحل السحر ، وقد توقف أحمد عنها ، قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل يزعم أنه يحل السحر ، فقال : رخص فيه بعض الناس ، ثم قال : ما أدري ما هذا ، وفيه وجهان ، وفي " الشرح " : إن كان يحله بشيء من القرآن ، أو الذكر فلا بأس به ، وإن كان بشيء من السحر فقد توقف أحمد ( وذكره أبو الخطاب ) تبعا للقاضي ، وقدمه في " المحرر " ( في السحرة الذين يقتلون ) لما ذكرنا ، وذكر القاضي في هذا تفصيلا ، فقال : الساحر إن اعتقد أن الكواكب فاعلة ، ويدعي بسحره معجزات لا يجوز وجود مثلها إلا للأنبياء مثل أن يدعي أن الجن تخبره بالمغيبات ، وأنه يقدر على تغيير صور الأشياء ، والطيران في الهواء ، والمشي على الماء ، فهو كافر ، وإن اعتقد أن الله تعالى هو الفاعل المدبر لذلك عند وجود هذا الفعل من جهته ، لم يصدقه ، وقال ابن عقيل : لا يكفر إلا بالاعتقاد ، لأن السحر صناعة تعود بفساد أحوال ، وأخذ أموال ، وقتل نفوس ، وهذا القدر بالمباشرة لا يوجب التكفير .

                                                                                                                          أصل : مشعبذ وقائل بزجر طير ، وضارب بحصى ، وشعير ، وقداح : إن [ ص: 191 ] لم يعتقد إباحته ، وأنه لا يعلم به عزر ، وكف عنه ، وإلا كفر ، ويحرم طلسم ، ورقية بغير عربية ، وقيل : يكره .

                                                                                                                          فرع : من قبلت توبته لم يجب تعزيره في ظاهر كلامهم ، لأنه لم يجب غير القتل ، وقد سقط ، والحد إذا سقط بالتوبة ، أو استوفي لم تجز الزيادة عليه ، كسائر الحدود ، قال الشيخ تقي الدين فيمن شفع عنده في شخص ، فقال : لو جاء النبي صلى الله عليه وسلم يشفع ما قبل ، إن تاب بعد القدرة عليه قبل ، لا قبلها في أظهر قولي العلماء ، ويسوغ تعزيره ، أي : بعد التوبة .

                                                                                                                          مسائل : الأولى : إذا أسلم أبو حمل ، أو طفل ، أو أحدهما لا جد وجدة ، والمنصوص ، أو مميز لم يبلغ ، ونقل ابن منصور : لم يبلغ عشرا فمسلم .

                                                                                                                          الثانية : إذا ماتا أو أحدهما في دارنا ، وقيل : أو دار حرب ، فمسلم على الأصح ، نقله ، واختاره الأكثر ، وفي " الموجز " و " التبصرة " : لا بموت أحدهما ، نقل أبو طالب في يهودي ، أو نصراني مات وله ولد صغير : فهو مسلم إذا مات أبواه ، ويرث أبويه ، ونقل جماعة : إن كفله المسلمون فمسلم ، ويرث الولد الميت ، لعدم تقدم الإسلام ، واختلاف الدين ليس من جهته ، كالطلاق في المرض ، ولأنه يرث إجماعا ، فلا يسقط بمختلف فيه ، وهو الإسلام ، وكما تصح الوصية لأم ولده ، ولأنه لا يمتنع حصول إرثه قبل اختلاف الدين ، كما قالوا : الدين لا يمنع الإرث ، وإن لم يكن الميت مالكا يوم الموت ، لكن في حكم المالك ، ذكره القاضي .

                                                                                                                          الثالثة : أطفال الكفار في النار ، وعنه : الوقف ، واختار ابن عقيل ، وابن الجوزي : أنهم في الجنة كأطفال المسلمين ، ومن بلغ منهم مجنونا ، واختار الشيخ [ ص: 192 ] تقي الدين تكليفهم في القيامة ، ويتبع أبويه في الإسلام كصغير ، فيعايا بها ، نقل ابن منصور فيمن ولد أعمى ، أبكم ، أصم ، وصار رجلا ، هو بمنزلة الميت ، هو مع أبويه ، وإن كانا مشركين ، ثم أسلما بعدما صار رجلا ، قال : هو معهما ، قال في " الفروع " : ويتوجه مثلهما من لم تبلغه الدعوة .

                                                                                                                          الرابعة : من أطلق الشارع كفره كدعواه غير أبيه ، ومن أتى عرافا فصدقه بما يقول ، فقيل : كفر النعمة ، وقيل : قارب الكفر ، وذكر ابن حامد روايتين .

                                                                                                                          إحداهما : تشديد وتأكيد ، والثانية : يجب الوقف ، ولا نقطع بأنه ينقل عن الملة ، نص عليه .

                                                                                                                          خاتمة

                                                                                                                          قال الأصحاب : معرفة الله تعالى وجبت شرعا ، نص عليه ، وقيل : بلى ، وكذا إن عدما ، أو أحدهما بلا موت ، كزنا ذمية ، ولو بكافر ، واشتباه ولد مسلم بكافر ، نص عليهما ، والله أعلم .




                                                                                                                          الخدمات العلمية