الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2927 [ 1657 ] وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ".

                                                                                              وفي رواية: "لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ".

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 244 )، والبخاري (2353)، ومسلم (1566) (36 و 38)، والترمذي (1272)، وابن ماجه (2478). [ ص: 442 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 442 ] و (قوله: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ ) وفي اللفظ الآخر: (لا يبع) فمعناه - والله أعلم -: أن الإنسان السابق للماء الذي في الفيافي إذا منعه من الماشية، فقد منع الكلأ، وهو العشب الذي حول ذلك الماء، من الرعي؛ لأن البهائم لا ترعى إلا بعد أن تشرب. وهذه اللام وإن سماها النحويون: لام كي، فهي لبيان العاقبة، والمآل، كما قال تعالى: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا [القصص: 8] والكلام في حكم الكلأ وتفاصيله كالكلام في الماء، فتأمله.

                                                                                              وهذا الحديث يفيد النهي عن بيع الكلأ، وهو حجة لمالك في القول بسد الذرائع. وقال أهل اللغة: الكلأ - مهموزا مقصورا، مفتوح الكاف - هو: العشب والنبات. والأخضر منه يسمى: الرطب - بضم الراء، وسكون الطاء -، واليابس منه يسمى: الحشيش.

                                                                                              وأما المسألة الثانية - وهي مسألة بيع ماء الفحل -: فلا يختلف في فساده إذا [ ص: 443 ] وقع بلفظ البيع، وأريد تحصيل العوض؛ الذي هو حصول ماء الفحل في محل الرحم، وعقوق الأنثى. فإنه غرر، ومجهول. وأما على معنى إجارة الفحل للطرق أعواما معلومة، أو إلى مدة معلومة: فأجازه مالك ؛ لكمال شروط الإجارة، مع أن أخذ الأجرة على ذلك ليس من مكارم الأخلاق، ولا يفعله غالبا إلا أولو الدناءة. ويكون هذا كالحجامة على ما يأتي بيانه - إن شاء الله تعالى -.

                                                                                              وقد ذهب أبو حنيفة ، والشافعي ، وأبو ثور : إلى منع ذلك جملة. والأرجح - إن شاء الله تعالى - ما صار إليه مالك ، لما ذكرناه. وبأنه قول جماعة من الصحابة والتابعين على ما حكاه القاضي عياض .




                                                                                              الخدمات العلمية