الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما لا تقع فيه الشفعة

                                                                                                          قال يحيى قال مالك عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن حزم أن عثمان بن عفان قال إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها ولا شفعة في بئر ولا في فحل النخل قال مالك وعلى هذا الأمر عندنا قال مالك ولا شفعة في طريق صلح القسم فيها أو لم يصلح قال مالك والأمر عندنا أنه لا شفعة في عرصة دار صلح القسم فيها أو لم يصلح قال مالك في رجل اشترى شقصا من أرض مشتركة على أنه فيها بالخيار فأراد شركاء البائع أن يأخذوا ما باع شريكهم بالشفعة قبل أن يختار المشتري إن ذلك لا يكون لهم حتى يأخذ المشتري ويثبت له البيع فإذا وجب له البيع فلهم الشفعة وقال مالك في الرجل يشتري أرضا فتمكث في يديه حينا ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا بميراث إن له الشفعة إن ثبت حقه وإن ما أغلت الأرض من غلة فهي للمشتري الأول إلى يوم يثبت حق الآخر لأنه قد كان ضمنها لو هلك ما كان فيها من غراس أو ذهب به سيل قال فإن طال الزمان أو هلك الشهود أو مات البائع أو المشتري أو هما حيان فنسي أصل البيع والاشتراء لطول الزمان فإن الشفعة تنقطع ويأخذ حقه الذي ثبت له وإن كان أمره على غير هذا الوجه في حداثة العهد وقربه وأنه يرى أن البائع غيب الثمن وأخفاه ليقطع بذلك حق صاحب الشفعة قومت الأرض على قدر ما يرى أنه ثمنها فيصير ثمنها إلى ذلك ثم ينظر إلى ما زاد في الأرض من بناء أو غراس أو عمارة فيكون على ما يكون عليه من ابتاع الأرض بثمن معلوم ثم بنى فيها وغرس ثم أخذها صاحب الشفعة بعد ذلك قال مالك والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال الحي فإن خشي أهل الميت أن ينكسر مال الميت قسموه ثم باعوه فليس عليهم فيه شفعة قال مالك ولا شفعة عندنا في عبد ولا وليدة ولا بعير ولا بقرة ولا شاة ولا في شيء من الحيوان ولا في ثوب ولا في بئر ليس لها بياض إنما الشفعة فيما يصلح أنه ينقسم وتقع فيه الحدود من الأرض فأما ما لا يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه قال مالك ومن اشترى أرضا فيها شفعة لناس حضور فليرفعهم إلى السلطان فإما أن يستحقوا وإما أن يسلم له السلطان فإن تركهم فلم يرفع أمرهم إلى السلطان وقد علموا باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه ثم جاءوا يطلبون شفعتهم فلا أرى ذلك لهم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          2 - باب ما لا يقع فيه الشفعة

                                                                                                          1423 1390 - ( مالك عن محمد بن عمارة ) بضم العين ابن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ، صدوق ( عن أبي بكر ) بن محمد بن عمرو ( بن حزم ) فنسبه إلى جده الأعلى لشهرته به ( أن عثمان بن عفان ) ذو النورين ( قال : إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها ) بنص النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ولا شفعة في بئر ولا في فحل النخل ) كما أفاده الحديث السابق .

                                                                                                          ( قال مالك : وعلى هذا الأمر عندنا ) بالمدينة ( ولا شفعة في طريق صلح القسم فيها ) أي الطريق ، لأنه يذكر ويؤنث ( أو لم يصلح ) لأنه تبع لما قد قسم ( والأمر عندنا أنه لا شفعة في عرصة ) بفتح فسكون أي ساحة ( دار ) قسمت بيوتها ( صلح القسم فيها أو لم يصلح ) لأنها تبع .

                                                                                                          ( قال مالك في رجل اشترى شقصا ) قطعة ( من أرض مشتركة على أنه فيها بالخيار فأراد شركاء البائع أن يأخذوا ما باع شريكهم قبل المشتري إن ذلك لا [ ص: 566 ] يكون حتى يأخذ المشتري ويثبت له البيع ، فإذا وجب ) أي ثبت ( له البيع فلهم الشفعة ) لأن بيع الخيار منحل فلا تثبت شفعة حتى يلزم .

                                                                                                          ( وقال مالك في الرجل يشتري أرضا فتمكث في يديه حينا ) زمانا ( ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا بميراث : إن له الشفعة إن ثبت حقه ، وإن ما أغلت الأرض من غلة فهي للمشتري الأول إلى يوم يثبت حق الآخر ؛ لأنه قد كان ضمنها لو هلك ما كان فيها من غراس أو ذهب به سيل ) مطر شديد ، ومن عليه الضمان له الغلة ( فإن طال الزمان أو هلك ) مات ( الشهود أو مات البائع أو المشتري أو هما حيان فنسي أصل البيع والاشتراء لطول الزمان فإن الشفعة تنقطع ويأخذ حقه الذي ثبت له ، وإن كان أمره على غير هذا الوجه في حداثة ) قرب ( العهد وقربه ) عطف تفسير لحداثة ( وأنه يرى أن البائع غيب ) بالتثقيل ( الثمن وأخفاه ) عطف تفسير ( ليقطع بذلك حق صاحب الشفعة قومت الأرض على قدر ما يرى أنه ثمنها ؛ فيصير ثمنها إلى ذلك ) أي ما قومت به ( ثم ينظر إلى ما زاد في الأرض من بناء أو غراس ) بالكسر فعال بمعنى مفعول مثل كتاب وبساط ومهاد بمعنى مبسوط ومكتوب وممهود ( أو عمارة فتكون على ما يكون عليه من ابتاع ) اشترى الأرض بثمن معلوم ثم بنى فيها وغرس ثم أخذها صاحب الشفعة بعد ذلك أي يكون له حكمه .

                                                                                                          ( والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي ) ثابتة ( في مال الحي ، فإن خشي [ ص: 567 ] أهل الميت أن ينكسر مال الميت قسموه وباعوه فليس عليهم فيه شفعة .

                                                                                                          ولا شفعة عندنا في عبد ولا وليدة ولا بعير ولا بقرة ولا شاة ولا في شيء من الحيوان ) كفرس وبغل وحمار ( ولا ثوب ولا بئر ليس لها بياض ) لأن أصول الكتاب والسنة تشهد أن لا يحل إخراج ملك من يد مالكه ملكا صحيحا إلا بحجة لا معارض لها ، والمشتري ذلك شراء صحيحا قد ملكه ، فكيف يؤخذ عنه بغير طيب نفس ! ( إنما الشفعة فيما يصلح أن ينقسم ) بأن يقبل القسمة ( وتقع فيه الحدود من الأرض ، فأما ما لا يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه ) اتباعا للحديث فلا يتعدى إلى غيره .

                                                                                                          ( ومن اشترى أرضا فيها شفعة لناس حضور فليرفعهم إلى السلطان فإما أن يستحقوا ) أن يأخذوا باستحقاقهم الشفعة ( وإما أن ) يتركوا فحينئذ ( يسلم له السلطان ) ما اشترى .

                                                                                                          ( فإن تركهم فلم يرفع أمرهم إلى السلطان وقد علموا باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه ثم جاءوا يطلبون شفعتهم فلا أرى ذلك لهم ) والطول بسنة وما قاربها كما في المدونة وفي أنه الشهر والشهران أو ثلاثة أشهر أو أربع خلاف والله سبحانه وتعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية