الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) بيان كيفية الضمان وقدره فالرهن لا يخلو إما أن يكون من جنس حق المرتهن ، أو من خلاف جنس حقه ، فإن كان من خلاف جنس حقه فإما أن يكون شيئا واحدا ، وإما أن يكون أشياء ، فإن كان شيئا واحدا ، يهلك مضمونا بالأقل من قيمته ومن الدين ، وتفسيره إذا رهن عبدا قيمته ألف بألف فهلك ، ذهب الدين كله ، وإن كانت قيمة العبد ألفين فهلك ، ذهب كل الدين أيضا ، وفضل الرهن يهلك أمانة ، وإن كانت قيمته خمسمائة ، ذهب من الدين خمسمائة ويرجع المرتهن على الراهن بفضل الدين ، وهذا قول عامة العلماء وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، مثل سيدنا عمر وعبد الله بن مسعود وهو رواه عن سيدنا علي رضي الله عنهم ، ومنهم من قال : إنه مضمون بقيمته بالغة ما بلغت ، أي على المرتهن فضل قيمة الرهن .

                                                                                                                                وهكذا روي عن ابن سيدنا عمر رضي الله عنهما ، ومنهم من قال : إنه مضمون بالدين بالغا ما بلغ ، أي يذهب كل الدين قلت قيمة الدين أو كثرت وهو مذهب شريح وعن سيدنا علي رواية أخرى أنه قال : يترادان الفضل يعني إن كانت قيمة الرهن أكثر فللراهن أن يرجع على المرتهن بفضل القيمة ، وإن كانت قيمته أقل ، فللمرتهن أن يرجع على الراهن بفضل الدين .

                                                                                                                                واختلافهم على هذا الوجه حجة على الشافعي رحمه الله في قوله : إن المرهون أمانة ; لأن اختلافهم في كيفية الضمان وقدره اتفاق منهم على كونه مضمونا ، فإنكار الضمان أصلا يرجع إلى مخالفة الإجماع فكان باطلا ، ثم الرجحان في كيفية الضمان ; لقول سيدنا عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ; لأن المرهون مضمون عندنا بطريق الاستيفاء ; لأن قبض الرهن قبض استيفاء ويتقرر الاستيفاء عند الهلاك فيتقرر الضمان فيه بقدر الاستيفاء ، فإن كانت قيمة الرهن مثل الدين ، أمكن تحقيق الاستيفاء ; لأن استيفاء الدين مثله صورة ومعنى أو معنى لا صورة ، وإذا كانت قيمته أكثر ، لا يتحقق الاستيفاء إلا في قدر الدين ولا يتحقق في الزيادة ; لأن استيفاء الأقل من الأكثر يكون ربا ، وإذا كانت قيمته أقل ، لا يمكنه تحقيق الاستيفاء إلا بقدر الدين ; لأن استيفاء الأكثر من الأقل لا يتصور ، هذا إذا كان المرهون شيئا واحدا فأما إذا كان أشياء بأن رهن عبدين أو ثوبين أو دابتين أو نحو ذلك فلا يخلو ( إما ) أن أطلق الرهن ولم يسم لكل واحد منهما شيئا من الدين .

                                                                                                                                ( وإما ) أن قيد وسمى لكل واحد منهما قدرا معلوما من الدين ، فإن أطلق ، يقسم الدين عليهما على قدر قيمتهما وكان كل واحد منهما مضمونا بالأقل من قيمة نفسه ومن حصته من الدين ; لأن كل واحد منهما مرهون والمرهون مضمون بالدين فلا بد من قسمة الدين على قيمتهما ; ليعرف قدر ما في كل واحد منهما من الضمان ، كما ينقسم الثمن عليهما في باب البيع باعتبار قيمتهما لمعرفة مقدار الثمن ; لأن المرهون مضمون بالدين كما أن البيع مضمون بالثمن ، وإن قيد كان كل واحد منهما مضمونا بالأقل من قيمته ومما سمي له ; لأنه لما سمى وجب اعتبار التسمية فينظر إلى القدر المسمى لكل واحد منهما فأيهما هلك ; يهلك بالأقل من قيمته ومن القدر المسمى ، كما في باب البيع إذا سمى لكل واحد من المبيعين ثمنا ، أنه ينقسم الثمن عليهما بالقدر المسمى كذا هذا ، إذا كان المرهون من خلاف جنس الدين وهلك في يد المرتهن ، فأما إذا كان من [ ص: 161 ] جنسه بأن رهن موزونا بجنسه أو مكيلا بجنسه وهلك في يد المرتهن فقد اختلف أصحابنا فيه قال أبو حنيفة : يهلك مضمونا بالدين باعتبار الوزن دون القيمة ، حتى لو كان وزن الرهن بمثل وزن الدين ، وقيمته أقل منه فهلك يذهب كل الدين عنده ، وعند أبي يوسف ومحمد : يضمن القيمة من خلاف الجنس على ما نذكر فمن أصل أبي حنيفة أنه يعتبر الوزن دون القيمة في الهالك ، ومن أصلهما أنهما يعتبران الوزن فيما لا يتضرر به المرتهن ، فأما فيما يتضرر به فيضمنان القيمة من خلاف الجنس .

                                                                                                                                ( وأما ) في الانكسار فأبو حنيفة يضمن القيمة ، وكذلك أبو يوسف عند الاستواء في الوزن والقيمة ولا يريان الجعل بالدين أصلا ، ومحمد يجعل بالدين لكن عند الإمكان بأن لا يؤدي ذلك إلى الضرر بالراهن ولا بالمرتهن ، ولا يؤدي إلى الربا فإن أدى إلى شيء مما ذكرنا ، فإنه لا يجعل بالدين أيضا ، وإذا كانت قيمة الرهن أكثر فأبو يوسف يجعل النقصان الحاصل بالانكسار شائعا في قدر الأمانة والمضمون ، فما كان في الأمانة يذهب بغير شيء وما كان في المضمون يضمن المرتهن قيمته ويملك من الرهن بقدره ، ومحمد رحمه الله يصرف النقصان إلى الزيادة ، وإذا كثر النقصان حتى انتقص من الدين ، يخير الراهن بين أن يفتكه وبين أن يجعله بالدين ، ومن أصل أبي حنيفة أنه يجوز استيفاء الزيوف من الجياد ، حتى لو أخذ صاحب الدين الزيوف عن الجياد ولم يعلم به حتى هلك عنده سقط دينه ، وكذا عند محمد إلا أن محمدا ترك أصله في الرهن ، وعند أبي يوسف لا يسقط بل يرد مثل ما قبض ويأخذ مثل حقه ، فمن أصله أنه لا يجوز استيفاء الزيوف عن الجياد ، فهذه أصول هذه المسائل .

                                                                                                                                ( وأما ) تخريجها على هذه الأصول فنقول وبالله التوفيق : إذا كان الدين عشرة دراهم فرهن به قلب فضة فهلك أو انكسر في يد المرتهن ، فوزن القلب لا يخلو إما أن يكون مثل وزن الدين بأن كان عشرة ، وإما أن يكون أقل من وزنه بأن كان ثمانية ، وإما أن يكون أكثر من وزنه بأن كان اثني عشر ، وكل وجه من هذه الوجوه يدخله الهلاك والانكسار ، فإن كان وزن القلب مثل وزن الدين عشرة فإن كانت قيمته مثل وزنه فهلك يهلك بالدين بلا خلاف ; لأن في وزنه وقيمته وفاء بالدين ولا ضرر فيه بأحد ولا فيه ربا فيهلك بالدين على ما هو حكم الرهن عندنا ، وإن انكسر وانتقص لا يجبر الراهن على الافتكاك بلا خلاف لأنه لو افتكه إما أن يفتكه بجميع الدين ، وإما أن يسقط شيء من الدين بمقابلة النقصان لا سبيل إلى الأول ; لأن فيه ضررا بالراهن لفوات حقه عن الجودة والصناعة من غير عوض ، ولا سبيل إلى الثاني ; لأنه يؤدي إلى الربا ; لأن الدين والرهن يستويان في الوزن ، والجودة لا قيمة لها شرعا عند مقابلتها بجنسها فكانت ملحقة بالعدم شرعا ، فيكون إيفاء عشرة بثمانية فتكون ربا ، فيتخير ; إن شاء افتكه بجميع الدين ورضي بالنقصان ، وإن شاء ضمن المرتهن قيمته بالغة ما بلغت فكانت رهنا مكانه ، ويصير القلب ملكا للمرتهن بالضمان ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، وقال محمد : إن شاء افتكه بجميع الدين وإن شاء جعله بالدين ويصير ملك المرتهن بدينه .

                                                                                                                                ( وجه ) قول محمد أن ضمان القيمة لا يناسب قبض الرهن ; لأن ذلك موجب قبض هو تعد كقبض الغصب ، وقبض الرهن مأذون فيه فلا يناسب ضمان القيمة ويناسبه الجعل بالدين ; لأنه قبض استيفاء وفي الجعل بالدين تقرير الاستيفاء .

                                                                                                                                ( وجه ) قولهما أن جعل الرهن بالدين حال قيامه من أعمال الجاهلية ، جاء الإسلام وأبطله بقوله : { لا يغلق الرهن } والجعل بالدين غلق الرهن فكان باطلا ، وبه تبين أن ملك الرهن بالدين لا يجوز أن يكون حكم هذا التصرف وأن حكمه ملك اليد والحبس لا ملك العين والرقبة .

                                                                                                                                ( فأما ) ضمان القيمة فيصلح حكما له في الجملة ، ألا ترى أن محمدا يقول به عند تعذر الجعل بالدين على ما نذكر وإن كانت قيمته أقل من وزن الدين بأن كانت ثمانية فهلك ، يهلك بجميع الدين عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه يعتبر الوزن دون القيمة عند الهلاك ، وفي وزنه وفاء الدين ، وعندهما لا يهلك بالدين ويضمن المرتهن قيمته من خلاف جنسه .

                                                                                                                                ( وجه ) قولهما أنه لو هلك بالدين ( إما ) أن يهلك بوزنه ، ( وإما ) أن يهلك بقيمته ، لا سبيل إلى الأول ; لأن فيه ضررا بالمرتهن ، ولا وجه إلى الثاني ; لأنه يؤدي إلى الربا فيخير المرتهن بين أن يرضى بسقوط الدين ، وبين أن يضمن قيمة الرهن من خلاف جنسه فيكون رهنا مكانه ولأبي حنيفة رحمه الله أن قبض الرهن قبل الاستيفاء ، والجيد والرديء في الاستيفاء على السواء ; لأن استيفاء الزيوف عن الجياد جائز عنده ، وإن [ ص: 162 ] انكسر ، فالراهن بالخيار إن شاء افتكه بجميع الدين ، وإن شاء ضمن المرتهن قيمته من خلاف جنسه بالإجماع ، وليس له خيار الجعل بالدين هنا بلا خلاف .

                                                                                                                                ( أما ) على أصل أبي حنيفة وأبي يوسف ; فلأنهما لا يريان الجعل بالدين أصلا ، ومحمد رحمه الله إن كان يرى ذلك لكن عند الإمكان وههنا لا يمكن ; لأنه لو جعل الدين باعتبار الوزن يؤدي إلى الضرر بالمرتهن حيث يصير الرهن الذي قيمته ثمانية بعشرة .

                                                                                                                                ولو جعل باعتبار القيمة يؤدي إلى الربا فمست الضرورة إلى ضمان القيمة ، والله تعالى أعلم وإن كانت قيمته أكثر من وزنه بأن كانت اثني عشر فهلك ، يهلك بالدين عند أبي حنيفة اعتبارا للوزن وكذلك عند محمد ; لأن الجودة هنا فضل ، فكان أمانة بمنزلة الفضل في الوزن .

                                                                                                                                ( أما ) على قول أبي يوسف فقيل : يضمن المرتهن قيمة خمسة أسداس القلب من الذهب ، ويرجع بدينه ; لأن الجودة عنده مضمونة ، وقيل : يهلك بالدين عنده أيضا ; لأنه يعتبر الوزن في الهلاك لا الجودة وإنما يعتبر الجودة في الانكسار ، وإن انكسر ، فالراهن بالخيار عند أبي حنيفة إن شاء افتكه بالدين مع النقصان ، وإن شاء ضمنه قيمته من خلاف جنسه فيكون رهنا مكانه ; لما ذكرنا فيما تقدم سواء كان النقصان الحاصل بالانكسار قدر درهم بأن عادت قيمته إلى أحد عشر ، أو قدر درهمين بأن عادت قيمته عشرة أو أكثر من ذلك بأن صارت قيمته ثمانية ، وعند أبي يوسف إن شاء افتكه بالدين وإن شاء ضمن المرتهن قيمته خمسة أسداس من القلب من خلاف جنسه ، فتصير خمسة أسداس الرهن ملكا للمرتهن بالضمان ، وسدس الرهن مع خمسة أسداس القيمة رهنا بالدين ; لأن من أصله أن يجعل قدر النقصان الحاصل بالانكسار شائعا في قدر الأمانة ، والمضمون والقدر الذي في الأمانة يذهب بغير شيء ، والقدر الذي في المضمون يضمن قيمته فيصير ذلك القدر من الرهن ملكا له ، وعند محمد ينظر إلى النقصان إن كان قدر درهم أو درهمين ، لا ضمان على المرتهن ، ويجبر الراهن على الفكاك ، وإن زاد على ذلك ، يخير بين الفكاك وبين الجعل بالدين ، كما لو كانت قيمته ووزنه سواء ; لأن من أصله أنه يصرف النقصان الحاصل بالانكسار إلى الجودة الزائدة ، إلا إذا كثر النقصان حتى عادت قيمته إلى ثمانية ، فله أن يجعله بالدين إن شاء ، وإن شاء افتكه ، وقيل : إن على قوله له أن يضمنه ، كما قال أبو حنيفة رحمه الله ; لما في الجعل بالدين من إسقاط حقه عن الجودة ، هذا إذا كان وزن القلب مثل وزن الدين عشرة ، فأما إذا كان أقل من وزنه ثمانية فإن كانت قيمته مثل وزنه فهلك ، يهلك بمثل وزنه من الدين وهو ثمانية بالإجماع ، وإن انكسر ، فالراهن بالخيار إن شاء افتكه بالدين ، وإن شاء ضمن المرتهن قيمته من خلاف جنسه فكانت رهنا ، والقلب للمرتهن بالضمان عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وعند محمد إن شاء افتكه بالدين وإن شاء جعله بمثل وزنه من الدين ; لما قلنا ، وإن كانت قيمته أقل من وزنه سبعة فهلك ، يهلك بثمانية في قول أبي حنيفة ; اعتبارا للوزن ، وعندهما يضمن قيمته من خلاف جنسه ; لما بينا ، وإن انكسر ، ضمن القيمة بالإجماع .

                                                                                                                                ( أما ) على قول أبي حنيفة وأبي يوسف ; فلأنهما لا يجيزان الجعل بالدين حال قيام الرهن أصلا ورأسا ، ومحمد إن كان يجيزه ; لكن شريطة انعدام الضرر ، وفي الجعل بالدين هنا ضرر بالمرتهن ، وإن كانت قيمته أكثر من وزنه فكانت تسعة أو كانت مثل الدين عشرة فهلك يهلك بقدر وزنه ثمانية عند أبي حنيفة ، وعندهما يضمن القيمة ، وإن انكسر إن شاء افتكه بالدين وإن شاء ضمن القيمة بالإجماع ; لما ذكرنا ، وإن كانت قيمته أكثر من الدين اثني عشر فهلك يهلك بثمانية عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف يضمن خمسة أسداس قيمته ، وإن انكسر ، فعند أبي حنيفة إن شاء افتكه بالدين وإن شاء ضمنه جميع القيمة وكانت قيمته رهنا والقلب ملكا للمرتهن ، وعند أبي يوسف يضمن خمسة أسداس قيمته ويكون سدس القلب مع خمسة أسداس قيمته رهنا عنده بالدين ، وعند محمد يصرف النقصان الحاصل بالانكسار بالأمانة إن قل النقصان بأن كان درهما أو درهمين ، ويجبر الراهن على الافتكاك ، وإن كان أكثر من ذلك ، يخير الراهن بين الافتكاك وبين الجعل بالدين ; هذا إذا كان وزن القلب أقل من وزن الدين ثمانية ، فأما إذا كان أكثر من وزنه اثنا عشر فإن كانت قيمته مثل وزنه اثني عشر فهلك ، سقط الدين والزيادة على الدين تهلك أمانة بلا خلاف وإن انكسر ضمن خمسة أسداسه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، وعند محمد له أن يجعل خمسة أسداسه بالدين ، وإن كانت قيمته أقل من وزنه [ ص: 163 ] وأكثر من الدين بأن كانت أحد عشر فهلك سقط الدين بخمسة أسداسه ، والزيادة تهلك أمانة عند أبي حنيفة ، ولا رواية عنهما في هذا الفصل .

                                                                                                                                وإن انكسر ضمن خمسة أسداس القلب عند أبي حنيفة ; لأنه لا يعتبر الجودة ولا يرى الجعل بالدين ، وعند أبي يوسف يجب أن يكون هكذا ، وكذلك عند محمد ; لتعذر التمليك بالدين ; لما فيه من الضرر ، وإن كانت قيمته مثل وزن الدين عشرة فهلك ، يهلك خمسة أسداس بالدين عند أبي حنيفة ; لأنه يعتبر الوزن ، وعندهما يضمن خمسة أسداسه ويرجع بحقه ، وإن انكسر ضمن خمسة أسداسه عند أبي حنيفة ، وعندهما يغرم جميع القيمة ولا يمكن الجعل بالدين عند محمد ; لأنه يؤدي إلى الربا وإن كانت قيمته أقل من الدين ثمانية فهلك ، ذهب خمسة أسداسه بالدين في قول أبي حنيفة وإن انكسر ضمن خمسة أسداسه ، وعندهما يغرم القيمة في الحالين ، وإن كانت قيمته خمسة عشر فهلك ، يهلك خمسة أسداسه بالدين في قول أبي حنيفة ، وإن انكسر ضمن خمسة أسداسه عند أبي حنيفة ، ثم في كل موضع ضمن المرتهن بعض القلب وهلك ذلك القدر بالضمان وصار شريكا ، فهذا شيوع طارئ فعلى جواب ظاهر الرواية يقطع القلب فيكون الباقي مع القدر الذي غرم رهنا ; لأن الشيوع يمنع صحة الرهن مقارنا كان أو طارئا ، وعلى رواية أبي يوسف لا حاجة إلى القطع ; لأن الشيوع الطارئ لا يمنع بقاء العقد على الصحة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية