الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ الفرق بين النص والظاهر ]

                                                      وقال الروياني في البحر " في الفرق بين النص والظاهر وجهان :

                                                      أحدهما : أن النص ما كان لفظه دليله ، والظاهر : ما سبق مراده إلى فهم سامعه .

                                                      والثاني : النص ما لم يتوجه إليه احتمال ، والظاهر ما توجه إليه احتمال . وقال أبو نصر بن القشيري : اختلف الناس في النص ، فقيل : ما لا [ ص: 208 ] يتطرق إليه تأويل ، وقيل : ما استوى ظاهره وباطنه ، ونوقض بالفحوى ، فإنها تقع نصا وإن لم يكن معناه مصرحا به لفظا ، وأجيب بأنه لا استقلال له ، ثم صار الصائرون إلى عزة النصوص في الكتاب حتى لا يوجد إلا قوله : { قل هو الله أحد } و { محمد رسول الله } وفي السنة { لن تجزئ عن أحد بعدك } و { اغد يا أنيس إلى امرأة هذا } وهذا ليس بشيء ، بل كل ما أفاد معنى على قطع مع انحسام التأويل فهو نص . والشافعي قد يسمي الظاهر نصا في مجاري كلامه ، وهو صحيح في وضع اللغة ، لأن النص من الظهور ولكن الاصطلاح ما ذكرنا .

                                                      قال : ويلتحق بالنص ما حذف من الكلام لدلالة الباقي على المحذوف ، ولكن لا يشك في معناه ، كقوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } فإن معناه : فأفطر . وأما الظاهر ، فقال القاضي : هو لفظة معقولة المعنى لها حقيقة ومجاز ، فإذا وردت على حقيقتها كانت ظاهرا ، وإن عدلت إلى جهة المجاز كانت مؤولة . وهذا صحيح في بعض الظواهر .

                                                      وقال الأستاذ أبو إسحاق : الظاهر لفظ معقول يبتدر إلى فهم البصير [ ص: 209 ] لجهة يفهم الفاهم منه معنى ، وله عنده وجه في التأويل مسوغ لا يبتدره الفهم .

                                                      قال ابن القشيري : وهذا أمثل .

                                                      قال : ومن الظواهر مطلق صيغ الأمر ، فإن ظاهره الوجوب ، ومنه صيغ العموم وفحوى الخطاب لا يدخله التخصيص والتأويل ، لأنه نص .

                                                      قال : والظهور قد يقع في الأسماء وفي الأفعال والحروف مثل " إلى " ، فإنه ظاهر في التحديد والغاية ، مؤول في الحمل على الجمع .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية