الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ذلق ]

                                                          ذلق : أبو عمرو : الذلق حدة الشيء . وحد كل شيء ذلقه ، وذلق كل شيء حده . ويقال : شبا مذلق ، أي : حاد ؛ قال الزفيان :


                                                          والبيض في أيمانهم تألق وذبل فيها شبا مذلق



                                                          وذلق السنان : حد طرفه ، والذلق : تحديدك إياه ، تقول : ذلقته [ ص: 40 ] وأذلقته . ابن سيده : ذلق كل شيء وذلقه وذلقته حدته ، وكذلك ذولقه ، وقد ذلقه ذلقا وأذلقه وذلقه ، وقول رؤبة :


                                                          حتى إذا توقدت من الزرق     حجرية كالجمر من سن الذلق



                                                          يجوز أن يكون جمع ذالق كرائح وروح وعازب وعزب ، وهو المحدد النصل ، ويجوز أن يكون أراد من سن الذلق فحرك للضرورة ومثله في الشعر كثير . وذلق اللسان وذلقته : حدته ، وذولقه طرفه . وكل محدد الطرف مذلق ، ذلق ذلاقة ، فهو ذليق وذلق وذلق وذلق . وذلق اللسان - بالكسر - يذلق ذلقا ، أي : ذرب وكذلك السنان ، فهو ذلق وأذلق . ويقال أيضا : ذلق السنان - بالضم - ذلقا ، فهو ذليق بين الذلاقة . وفي حديث أم زرع : على حد سنان مذلق . أي : محدد ؛ أرادت أنها معه على حد السنان المحدد فلا تجد معه قرارا .

                                                          وفي حديث جابر : فكسرت حجرا وحسرته فانذلق ، أي : صار له حد يقطع . ابن الأعرابي : لسان ذلق طلق ، وذليق طليق ، وذلق طلق ، وذلق طلق ، أربع لغات فيها . والذليق : الفصيح اللسان .

                                                          وفي الحديث : إذا كان يوم القيامة جاءت الرحم فتكلمت بلسان ذلق طلق ، تقول : اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني . الكسائي : لسان طلق ذلق كما جاء في الحديث ، أي : فصيح بليغ ، ذلق على فعل بوزن صرد ؛ ويقال : طلق ذلق وطلق ذلق وطليق ذليق ، ويراد بالجميع المضاء والنفاذ . أبو زيد : المذلق من اللبن الحليب يخلط بالماء . وعدو ذليق : شديد . قال الهذلي :


                                                          أوائل بالشد الذليق وحثني     لدى المتن مشبوح الذراعين خلجم



                                                          وذلقت الفرس تذليقا إذا ضمرته ؛ قال عدي بن زيد :


                                                          فذلقته حتى ترفع لحمه     أداويه مكنونا وأركب وادعا



                                                          أي : ضمرته حتى ارتفع لحمه إلى رءوس العظام وذهب رهله .

                                                          وفي حديث حفر زمزم : ألم نسق الحجيج وننحر المذلاقة ؛ هي الناقة السريعة السير . والحروف الذلق : حروف طرف اللسان . التهذيب : الحروف الذلق : الراء واللام والنون ؛ سميت ذلقا لأن مخارجها من طرف اللسان . وذلق كل شيء وذولقه : طرفه . ابن سيده : وحروف الذلاقة ستة : الراء واللام والنون والفاء والباء والميم ؛ لأنه يعتمد عليها بذلق اللسان ، وهو صدره وطرفه ، وقيل : هي حروف طرف اللسان والشفة ، وهي الحروف الذلق ، الواحد أذلق ، ثلاثة منها ذولقية : وهي الراء واللام والنون ، وثلاثة شفوية : وهي الفاء والباء والميم ، وإنما سميت هذه الحروف ذلقا لأن الذلاقة في المنطق إنما هي بطرف أسلة اللسان والشفتين ، وهما مدرجتا هذه الحروف الستة ؛ قال ابن جني : وفي هذه الحروف الستة سر ظريف ينتفع به في اللغة ، وذلك أنه متى رأيت اسما رباعيا أو خماسيا غير ذي زوائد فلا بد فيه من حرف من هذه الستة أو حرفين وربما كان ثلاثة ، وذلك نحو جعفر ، فيه الراء والفاء ، وقعضب فيه الباء ، وسلهب فيه اللام والباء ، وسفرجل فيه الفاء والراء واللام ، وفرزدق فيه الفاء والراء ، وهمرجل فيه الميم والراء واللام ، وقرطعب فيه الراء والباء ، وهكذا عامة هذا الباب ، فمتى وجدت كلمة رباعية أو خماسية معراة من بعض هذه الأحرف الستة فاقض بأنه دخيل في كلام العرب وليس منه ، ولذلك سميت الحروف غير هذه الستة المصمتة ، أي : صمت عنها أن يبنى منها كلمة رباعية أو خماسية معراة من حروف الذلاقة . والذلق ، بالتسكين : مجرى المحور في البكرة . وذلق السهم : مستدقه . والإذلاق : سرعة الرمي .

                                                          والذلق - بالتحريك - : القلق ، وقد ذلق بالكسر . وأذلقته أنا وأذلق الضب واستذلقه إذا صب على جحره الماء حتى يخرج . التهذيب : والضب إذا صب الماء في جحره أذلقه فيخرج منه .

                                                          وفي الحديث : أنه ذلق يوم أحد من العطش ، أي : جهده حتى خرج لسانه . وذلقه الصوم وغيره وأذلقه : أضعفه وأقلقه . وفي حديث ماعز : أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر برجمه ، فلما أذلقته الحجارة جمز وفر ، أي : بلغت منه الجهد حتى قلق .

                                                          وفي حديث عائشة : أنها كانت تصوم في السفر حتى أذلقها الصوم . قال ابن الأعرابي : أذلقها ، أي : أذابها ، وقيل : أذلقها الصوم ، أي : جهدها وأذابها وأقلقها . وأذلقه الصوم وذلقه وذلقه ، أي : أضعفه . وقال ابن شميل : أذلقها الصوم أحرجها ، قال : وتذليق الضباب توجيه الماء إلى جحرتها ، قال الكميت :


                                                          بمستذلق حشرات الإكا     م يمنع من ذي الوجار الوجارا



                                                          يعني الغيث أنه يستخرج هوام الإكام . وقد أذلقني السموم ، أي : أذابني وهزلني .

                                                          وفي حديث أيوب - عليه السلام - أنه قال في مناجاته : أذلقني البلاء فتكلمت ، أي : جهدني ، ومعنى الإذلاق أن يبلغ منه الجهد حتى يقلق ويتضور . ويقال : قد أقلقني قولك وأذلقني . وفي حديث الحديبية : يكسعها بقائم السيف حتى أذلقه ، أي : أقلقه . وخطيب ذلق وذليق ، والأنثى ذلقة وذليقة . وأذلقت السراج إذلاقا ، أي : أضأته . وفي أشراط الساعة ذكر ذلقية ؛ هي - بضم الذال وسكون القاف وفتح الياء المثناة من تحتها - مدينة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية