الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          بعد ذلك أخذ يفكر في تعرف حالهم؛ وإظهار القدرة التي من الله بها عليه؛ فأراد أن يختبر ذكاءها؛ قال: قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ؛ " العرش " : كرسي السلطان؛ وقد سبق أن وصف الهدهد ذلك العرش بأنه عرش عظيم؛ قد أوتي من الأبهة والزخرفة الكثير؛ وإنه دليل على كمال السيطرة؛ وكمال الثروة؛ وما الذي يطلبه نبي الله الملك من الملإ من قومه؟ أهو أن يأتوه به ذاته؛ ذلك ظاهر القول؛ ولو يوجد ما ينفي الظاهر؛ ونحن نأخذ بظاهر القول؛ ما لم يوجد من الاستحالة العقلية ما يخرجنا من الظاهر إلى غيره؛ فالأمر كله لا غرابة فيه؛ فالنمل يتكلم؛ ويسمع كلامه ويفهم؛ والطير يتكلم ويفهم؛ ويرسل في رسائل وكتب؛ إذن فلا غرابة في أن يأتي بعض الملإ بذات العرش.

                                                          وقد قال بعض الذين يتكلمون في معاني الذكر الحكيم: إن الذي طلبه نبي الله (تعالى) هو أن يأتوه بصورة العرش؛ لا ذاته؛ ونحن نرى أن هذا التأويل - وإن كان محتملا - لا نرضاه; لأنه غير ظاهر اللفظ؛ وظاهر اللفظ يسير في مؤداه ما دام لا يستحيل؛ وقوله: قبل أن يأتوني مسلمين ؛ يقول: إن الإسلام هنا هو الخضوع؛ ويصح أن يكون المعنى: الإسلام الحقيقي؛ وهو شهادة أن لا إله إلا الله؛ وإنا نميل إلى الأول; لأن الإسلام بشهادة الحق جاء بعد ذلك؛ عندما قالت بلقيس: رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ؛

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية