الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وتجوز إجارة العين مدة ، ويشترط كونها معلومة لا يظن عدمها فيها ، وإن طالت ، وقيل : إلى سنة ، وقيل : ثلاث ، وقيل : ثلاثين ، وظاهره : ولو ظن عدم العاقد ولو مدة لا يظن فناء الدنيا فيها ، وفي طريقة بعض أصحابنا : في السلم الشرع يراعي الظاهر ، ألا ترى لو اشترط أجلا تفي به مدته صح ، ولو اشترط مائتين أو أكثر لم يصح ، وسواء وليت العقد أو لا ، أو كانت مشغولة بإجارة أو غيرها ، وظن التسليم في وقته المستحق ، [ ص: 438 ] أو لم تكن ، فإن كانت مرهونة وقت العقد فوجهان ( م 14 ) وقولنا : وظن التسليم ، كذا قاله بعضهم ، وفي الرعاية : إن أمكن التسليم .

                                                                                                          وقال الشيخ وغيره لمن علل في منع إجارة المضاف بأنه لا يمكن تسليمه في [ ص: 439 ] الحال ، كالعين المغصوبة ، قالوا : إنما تشترط القدرة على التسليم عند وجوبه ، كالسلم فإنه لا يشترط وجود القدرة عليه حال العقد ، قالوا : ولا فرق بين كونها مشغولة أو لا ، لما ذكرنا ، وكذا قال ابن عقيل في الفنون أو في الفصول : لا يتصرف مالك العقار في المنافع بإجارة ولا إعارة إلا بعد انقضاء المدة واستيفاء المنافع المستحقة عليه بعقد الإجارة ، لأنه ما لم تنقض المدة له حق الاستيفاء ، فلا تصح تصرفات المالك في محبوس بحق ، لأنه يتعذر التسليم المستحق بالعقد ، فمراد الأصحاب متفق ، وهو أنه تجوز إجارة المؤجر ، ويعتبر التسليم وقت وجوبه ، وأنه لا يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض الناس ، وأفتى جماعة من أصحابنا وغيرهم في هذا الزمان أن هذا لا يصح ، وهذا واضح ، ولم أجد من كلامهم ما يخالف هذا ، ومن العجب قول بعضهم في هذا الزمان [ إن ] الذي يخطر بباله من كلام أصحابنا أن هذه الإجارة تصح ، كذا قال ، وقد قال شيخنا فيمن استأجر أرضا من جندي وغرسها قصبا ثم انتقل الإقطاع عن الجندي : إن الجندي الثاني لا يلزمه حكم الإجارة الأولى وإنه إن شاء أن يؤجرها لمن له فيها القصب أو لغيره ، وليس لوكيل مطلق الإيجار مدة طويلة ، بل العرف ، كسنتين ونحوهما ، قاله شيخنا ، ولو قال : آجرتك شهرا ، لم يصح ، نص عليه ، وعنه : صحته ، [ ص: 440 ] اختاره الشيخ ، وابتداؤه من حين العقد ، ولو آجره في أثناء شهر سنة فشهر بالعدد ثلاثين ، نص عليه في نذر وصوم ، وباقيها بالأهلة ، وعنه : الجميع بالعدد ، وكذا ما اعتبرت الأشهر فيه ، كعدة ، ونص عليهما في نذر ، وعند شيخنا : إلى مثل تلك الساعة .

                                                                                                          [ ص: 438 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 438 ] مسألة 14 ) قوله : وتجوز إجارة العين مدة وسواء وليت العقد أو لا أو كانت مشغولة بإجارة أو غيرها وظن التسليم في وقته المستحق ، أو لم تكن ، فإن كانت مرهونة وقت العقد فوجهان ، انتهى . قال في الرعاية الكبرى : وإن أجره شيئا مدة لا تلي العقد صح إن أمكن تسليمه في أولها ، سواء كان فارغا وقت العقد أو مؤجرا ، قلت : فإن كان ما آجره مرهونا وقت العقد لا وقت التسليم المستحق بالأجرة احتمل وجهين ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : الصواب أنه إن ظن تسليمها وقت الوجوب صحت ، وإلا فلا ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وداخل في عموم كلامهم ، ويعرف ذلك في هذه المسألة بحال الراهن ، بأن يكون قادرا أو باذلا مع القدرة على التحصيل وقت الحلول ، والله أعلم .

                                                                                                          ( تنبيه )

                                                                                                          الظاهر أن المصنف تابع ابن حمدان في رعايته في إطلاق الخلاف ، والظاهر من كلام صاحب الرعاية أن هذين الوجهين لم يسبق إليهما ، بل هو استنبطهما وخرجهما ، وهو كالصريح في كلامه ، فإذن في إطلاق المصنف الخلاف نظر ظاهر ، لأن الأصحاب لم يختلفوا في الترجيح في هذه المسألة حتى يطلق الخلاف فيها ، بل ولا يعرف لهم كلام فيها ، ولم نر هذين الوجهين إلا لهذين الرجلين ، والله أعلم . ويمكن الجواب بأن يقال : المقيس عليه والمشابه لهذه المسألة اختلف الأصحاب في الترجيح فيها ، لأن المجتهد إذا خرج مسألة فلا بد من تخريجها على أصل مشهور في المذهب ، والله أعلم . ويمكن أن يكون المصنف اطلع على خلاف في المذهب في هذه المسألة ، واختلفوا في الترجيح ، وهو بعيد ، والمعتمد عليه الأول .




                                                                                                          الخدمات العلمية