الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل إذا ) ( خص نوع ) من جنس ( بالذكر بمدح أو ذم أو غيرهما ) أي بشيء غير المدح والذم ( مما لا يصلح لمسكوت عنه ) ( فله ) أي فلذلك الذكر ( مفهوم ) ومن ذلك قوله تعالى { كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون } فالحجاب عذاب فلا يحجب من لا يعذب ، ولو حجب الجميع لم يكن عذابا قال الإمام مالك رحمه الله : لما حجب أعداءه تجلى لأوليائه حتى رأوه .

وقال الشافعي رضي الله عنه لما حجب هؤلاء في السخط كان في هذا دليل على أن أولياءه يرونه في الرضا وقال أيضا : في الآية دلالة على أن أولياءه يرونه يوم القيامة بأبصار وجوههم وبهذه الآية استدل الإمام أحمد وغيره من الأئمة رضي الله تعالى عنهم على الرؤية للمؤمنين قال الزجاج : لولا ذلك لم يكن فيها فائدة ، ولا حسنت منزلتهم بحجبهم ( وإذا اقتضى حال أو ) اقتضى ( لفظ عموم الحكم لو عم ، فتخصيص بعض بالذكر له مفهوم ) ذكره الشيخ تقي الدين وغيره ومن ذلك قوله تعالى " { وفضلناهم على كثير ممن خلقنا } وقوله تعالى { ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض } - إلى قوله - { وكثير من الناس } ( وفعله ) أي فعل النبي صلى الله عليه وسلم ( له دليل كدليل الخطاب ) عند أكثر أصحابنا ، وأخذوه من قول أحمد رضي الله تعالى عنه : لا يصلى على ميت بعد شهر ; لحديث أم سعد رواه الترمذي ورواته ثقات عن سعيد بن المسيب { أن أم سعد ماتت ، والنبي صلى الله عليه وسلم غائب ، فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر } وضعف هذه الدلالة بعض أصحابنا وغيرهم قال ابن عقيل : ليس للعقل صيغة تعم ولا تخص ، فضلا عن أن يجعل لها دليل خطاب ( ودلالة المفهوم كلها بالالتزام ) بمعنى أن النفي في المسكوت لازم للثبوت في المنطوق ملازمة ظنية لا قطعية .

التالي السابق


الخدمات العلمية