الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الشرائط المصححة لها على قول من يجيزها فما ذكرنا في كتاب المزارعة ( منها ) أن يكون العاقدان عاقلين فلا يجوز عقد من لا يعقل فأما البلوغ : فليس بشرط ، وكذا الحرية على نحو ما مر في كتاب المزارعة .

                                                                                                                                ( ومنها ) أن لا يكونا مرتدين في قول أبي حنيفة على قياس قول من أجاز المعاملة حتى لو كان أحدهما مرتدا وقفت المعاملة ، ثم إن كان المرتد هو الدافع فإن أسلم فالخارج بينهما على الشرط وإن قتل أو مات أو لحق فالخارج كله للدافع ; لأنه نماء ملكه وللآخر أجر المثل إذا عمل ، وعندهما الخارج بين العامل المسلم وبين ورثة الدافع على الشرط في الحالين كما إذا كانا مسلمين ، وإن كان المرتد هو العامل فإن أسلم فالخارج بينهما على الشرط .

                                                                                                                                وإن قتل أو مات على الردة أو لحق فالخارج بين الدافع المسلم وبين ورثة العامل المرتد على الشرط بالإجماع لما مر في المزارعة ، هذا إذا كانت المعاملة بين مسلم ومرتد فأما إذا كانت بين مسلمين ثم ارتدا أو ارتد أحدهما فالخارج على الشرط لما مر في كتاب المزارعة ، ويجوز معاملة المرتدة دفعا واحدا [ ص: 186 ] بالإجماع .

                                                                                                                                ( ومنها ) أن يكون المدفوع من الشجر الذي فيه ثمرة معاملة فيما يزيد ثمره بالعمل ، فإن كان المدفوع نخلا فيه طلع أو بسر قد احمر أو اخضر إلا أنه لم يتناه عظمه جازت المعاملة وإن كان قد تناهى عظمه إلا أنه لم يرطب فالمعاملة فاسدة ; لأنه إذا تناهى عظمه لا يؤثر فيه العمل بالزيادة عادة فلم يوجد العمل المشروط عليه فلا يستحق الخارج بل يكون كله لصاحب النخل ( ومنها ) أن يكون الخارج لهما ، فلو شرطا أن يكون لأحدهما فسدت لما علم .

                                                                                                                                ( ومنها ) أن تكون حصة كل واحد منهما من بعض الخارج مشاعا معلوم القدر لما علم .

                                                                                                                                ( ومنها ) أن يكون محل العمل وهو الشجر معلوما ، وبيان هذه الجملة في كتاب المزارعة ( ومنها ) التسليم إلى العامل وهو التخلية حتى لو شرطا العمل عليهما فسدت لانعدام التخلية فأما بيان المدة فليس بشرط لجواز المعاملة استحسانا ، ويقع على أول ثمرة تخرج في أول السنة بخلاف المزارعة ، والقياس أن يكون شرطا ; لأن ترك البيان يؤدي إلى الجهالة كما في المزارعة إلا أنه ترك القياس لتعامل الناس ذلك من غير بيان المدة ولم يوجد ذلك في المزارعة حتى إنه لو وجد التعامل به في موضع يجوز من غير بيان المدة ، وبه كان يفتي محمد بن سلمة على ما مر في المزارعة ، ولو دفع أرضا ليزرع فيها الرطاب أو دفع أرضا فيها أصول رطبة نابتة ولم يسم المدة فإن كان شيئا ليس لابتداء نباته ولا لانتهاء جذه وقت معلوم فالمعاملة فاسدة ، وإن كان وقت جذه معلوما يجوز ويقع على الجذة الأولى كما في الشجرة المثمرة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية