الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 209 ] سورة فاطر

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      آ . (1) قوله : فاطر السماوات : إن جعلت إضافته محضة كان نعتا لله ، وإن جعلتها غير محضة كان بدلا . وهو قليل من حيث إنه مشتق . وهذه قراءة العامة : " فاطر " اسم فاعل . والزهري والضحاك " فطر " فعلا ماضيا . وفيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه صلة لموصول محذوف أي : الذي فطر ، كذا قدره أبو الفضل . ولا يليق بمذهب البصريين ; لأن حذف الموصول الاسمي لا يجوز . وقد تقدم هذا الخلاف مستوفى في البقرة . الثاني : أنه حال على إضمار " قد " قاله أبو الفضل أيضا . الثالث : أنه خبر مبتدأ مضمر أي : هو فطر . وقد حكى الزمخشري قراءة تؤيد ما ذهب إليه الرازي فقال : " وقرئ الذي فطر وجعل " فصرح بالموصول .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " جاعل " العامة أيضا على جره نعتا أو بدلا . والحسن بالرفع [ ص: 210 ] والإضافة ، وروي عن أبي عمرو كذلك ، إلا أنه لم ينون ، ونصب " الملائكة " ، وذلك على حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      3758 - ... ... ... ... ولا ذاكر الله إلا قليلا



                                                                                                                                                                                                                                      وابن يعمر وخليد بن مشيط " جعل " فعلا ماضيا بعد قراءة " فاطر " بالجر ، وهذه كقراءة فالق الإصباح ، وجعل الليل . والحسن وحميد " رسلا " بسكون السين ، وهي لغة تميم . وجاعل يجوز أن يكون بمعنى مصير أو بمعنى خالق . فعلى الأول يجري الخلاف : هل نصب الثاني باسم الفاعل ، أو بإضمار فعل ، هذا إن اعتقد أن جاعلا غير ماض ، أما إذا كان ماضيا تعين أن ينتصب بإضمار فعل . وقد حقق ذلك في الأنعام . وعلى الثاني ينتصب على الحال . و مثنى وثلاث ورباع صفة لـ " أجنحة " . و " أولي " صفة لـ " رسلا " . وقد تقدم تحقيق الكلام في " مثنى " وأختيها في سورة النساء مستوفى . قال الشيخ : " وقيل : " أولي أجنحة " معترض و " مثنى " حال ، والعامل فعل محذوف يدل عليه " رسلا " أي : يرسلون مثنى وثلاث ورباع " وهذا لا يسمى اعتراضا لوجهين ، أحدهما : أن " أولي " صفة لـ " رسلا " ، والصفة لا يقال فيها معترضة . والثاني : أنها ليست حالا من " رسلا " بل من محذوف فكيف يكون ما قبله معترضا ؟ ولو [ ص: 211 ] جعله حالا من الضمير في " رسلا " لأنه مشتق لسهل ذلك بعض شيء ، ويكون الاعتراض بالصفة مجازا ، من حيث إنه فاضل في السورة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " يزيد " مستأنف . وما " يشاء " هو المفعول الثاني للزيادة ، والأول لم يقصد ، فهو محذوف اقتصارا ، لأن ذكر قوله : " في الخلق " يغني عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية