الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قدم ) * في أسماء الله تعالى : " المقدم " هو الذي يقدم الأشياء ويضعها في مواضعها ، فمن استحق التقديم قدمه .

                                                          ( هـ ) وفي صفة النار : حتى يضع الجبار فيها قدمه أي : الذين قدمهم لها من شرار خلقه ، فهم قدم الله للنار ، كما أن المسلمين قدمه للجنة .

                                                          والقدم : كل ما قدمت من خير أو شر . وتقدمت لفلان فيه قدم ؛ أي : تقدم في خير وشر .

                                                          وقيل : وضع القدم على الشيء مثل للردع والقمع ، فكأنه قال : يأتيها أمر الله فيكفها من طلب المزيد .

                                                          وقيل : أراد به تسكين فورتها ، كما يقال للأمر تريد إبطاله : وضعته تحت قدمي .

                                                          ( س ) * ومنه الحديث : ألا إن كل دم ومأثرة تحت قدمي هاتين أراد إخفاءها ، وإعدامها ، وإذلال أمر الجاهلية ، ونقض سنتها .

                                                          * ومنه الحديث : ثلاثة في المنسى تحت قدم الرحمن أي : أنهم منسيون ، متروكون ، غير مذكورين بخير .

                                                          ( هـ ) وفي أسمائه عليه الصلاة والسلام : أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي أي : على أثري .

                                                          * وفي حديث عمر : " إنا على منازلنا من كتاب الله وقسمة رسوله ، والرجل وقدمه ، والرجل وبلاؤه " أي : فعاله وتقدمه في الإسلام وسبقه .

                                                          * وفي حديث مواقيت الصلاة : كان قدر صلاته الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة [ ص: 26 ] أقدام أقدام الظل التي تعرف بها أوقات الصلاة هي قدم كل إنسان على قدر قامته ، وهذا أمر مختلف باختلاف الأقاليم والبلاد ؛ لأن سبب طول الظل وقصره هو انحطاط الشمس وارتفاعها إلى سمت الرءوس ، فكلما كانت أعلى ، وإلى محاذاة الرءوس في مجراها أقرب ، كان الظل أقصر ، وينعكس الأمر بالعكس ، ولذلك ترى ظل الشتاء في البلاد الشمالية أبدا أطول من ظل الصيف في كل موضع منها ، وكانت صلاته عليه الصلاة والسلام بمكة والمدينة من الإقليم الثاني ، ويذكر أن الظل فيهما عند الاعتدال في آذار وأيلول ثلاثة أقدام وبعض قدم ، فيشبه أن تكون صلاته إذا اشتد الحر متأخرة عن الوقت المعهود قبله إلى أن يصير الظل خمسة أقدام ، أو خمسة وشيئا ، ويكون في الشتاء أول الوقت خمسة أقدام ، وآخره سبعة ، أو سبعة وشيئا ، فينزل هذا الحديث على هذا التقدير في ذلك الإقليم دون سائر الأقاليم ، والله أعلم .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث علي : " غير نكل في قدم ولا واهنا في عزم " أي : في تقدم ، ويقال : رجل قدم إذا كان شجاعا ، وقد يكون القدم بمعنى التقدم .

                                                          ( س ) وفي حديث بدر : أقدم حيزوم هو أمر بالإقدام ، وهو التقدم في الحرب ، والإقدام : الشجاعة وقد تكسر همزة : " إقدم " ويكون أمرا بالتقدم لا غير ، والصحيح الفتح ، من أقدم .

                                                          ( س ) وفيه : طوبى لعبد مغبر قدم في سبيل الله رجل قدم - بضمتين - أي : شجاع . ومضى قدما إذا لم يعرج .

                                                          ( س ) ومنه حديث شيبة بن عثمان : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قدما ، ها أي : تقدموا و " ها " تنبيه ، يحرضهم على القتال .

                                                          * وفي حديث علي : " نظر قدما أمامه " أي : لا يعرج ولم ينثن ، وقد تسكن الدال ، يقال : قدم - بالفتح - يقدم قدما أي : تقدم .

                                                          ( س ) وفيه : أن ابن مسعود سلم عليه وهو يصلي فلم يرد عليه ، قال : فأخذني ما قدم [ ص: 27 ] وما حدث أي : الحزن والكآبة ، يريد أنه عاودته أحزانه القديمة واتصلت بالحديثة .

                                                          وقيل : معناه غلب علي التفكر في أحوالي القديمة والحديثة ، أيها كان سببا لترك رده السلام علي .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن عباس : " أن ابن أبي العاص مشى القدمية " وفي رواية : " اليقدمية " والذي جاء في رواية البخاري : " القدمية " ومعناها أنه تقدم في الشرف والفضل على أصحابه .

                                                          وقيل : معناه التبختر ، ولم يرد المشي بعينه .

                                                          والذي جاء في كتب الغريب : " اليقدمية " [ والتقدمية ] بالياء والتاء فهما زائدتان ، ومعناهما التقدم .

                                                          ورواه الأزهري بالياء المعجمة من تحت ، والجوهري بالمعجمة من فوق .

                                                          وقيل : إن اليقدمية - بالياء من تحت - هو التقدم بهمته وأفعاله .

                                                          ( س ) وفي كتاب معاوية إلى ملك الروم : " لأكونن مقدمته إليك " أي : الجماعة التي تتقدم الجيش ، من قدم بمعنى تقدم ، وقد استعيرت لكل شيء ، فقيل : مقدمة الكتاب ، ومقدمة الكلام بكسر الدال ، وقد تفتح .

                                                          * وفيه : " حتى إن ذفراها لتكاد تصيب قادمة الرحل " . هي الخشبة التي في مقدمة كور البعير بمنزلة قربوس السرج ، وقد تكرر ذكرها في الحديث .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي هريرة : " قال له أبان بن سعيد : تدلى من قدوم ضأن " قيل : هي ثنية أو جبل بالسراة من أرض دوس .

                                                          وقيل : القدوم : ما تقدم من الشاة ، وهو رأسها ، وإنما أراد احتقاره وصغر قدره .

                                                          ( س ) وفيه : " إن زوج فريعة قتل بطرف القدوم " هو - بالتخفيف والتشديد - : موضع على ستة أميال من المدينة .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام اختتن بالقدوم قيل : هي قرية بالشام . ويروى بغير ألف ولام . وقيل : القدوم بالتخفيف والتشديد : قدوم النجار .

                                                          [ ص: 28 ] * وفي حديث الطفيل بن عمرو :


                                                          ففينا الشعر والملك القدام

                                                          أي : القديم ، مثل طويل وطوال .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية