الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ذود ]

                                                          ذود : الذود : السوق والطرد والدفع . تقول : ذدته عن كذا ، وذاده عن الشيء ذودا وذيادا ، ورجل ذائد ، أي : حامي الحقيقة دفاع ، من قوم ذود وذواد ، وذاده وأذاده : أعانه على الذياد . وفي حديث الحوض : إني لبعقر حوضي أذود الناس عنه لأهل اليمن ، أي : أطردهم وأدفعهم ، وفي الحديث : ليذادن رجال عن حوضي ، أي : ليطردن ، ويروى : فلا تذادن ، أي : لا تفعلوا فعلا يوجب طردكم عنه ، قال ابن الأثير : والأول أشبه ، وفي الحديث : وأما إخواننا بنو أمية فقادة ذادة ، والذادة جمع ذائد وهو الحامي الدافع ، قيل : أراد أنهم يذودون عن الحرم . والمذود : اللسان ؛ لأنه يذاد به عن العرض ، قال عنترة :


                                                          سيأتيكم مني وإن كنت نائيا دخان العلندى دون بيتي ومذودي



                                                          قال الأصمعي : أراد بمذوده لسانه ، وببيته شرفه ، وقال حسان بن ثابت :


                                                          لساني وسيفي صارمان كلاهما     ويبلغ ما لا يبلغ السيف مذودي



                                                          ومذود الثور : قرنه ، وقال زهير يذكر بقرة :


                                                          ويذبها عنها بأسحم مذود

                                                          ويقال : ذدت فلانا عن كذا أذوده ، أي : طردته فأنا ذائد وهو مذود . ومعلف الدابة : مذوده ، قال ابن الأعرابي : المذاد والمراد المرتع ، وأنشد :


                                                          لا تحبسا الحوساء في المذاد

                                                          وذدت الإبل أذودها ذودا إذا طردتها وسقتها ، والتذويد مثله ، والمذيد : المعين لك على ما تذود ، وهذا كقولك : أطلبت الرجل ؛ إذا أعنته على طلبته ، وأحلبته أعنته على حلب ناقته ، قال الشاعر :


                                                          ناديت في القوم ألا مذيدا

                                                          والذود : للقطيع من الإبل الثلاث إلى التسع ، وقيل : ما بين الثلاث إلى العشر ، قال أبو منصور : ونحو ذلك حفظته عن العرب ، وقيل : من ثلاث إلى خمس عشرة ، وقيل : إلى عشرين وفويق ذلك ، وقيل : ما بين الثلاث إلى الثلاثين ، وقيل : ما بين الثنتين والتسع ، ولا يكون إلا من الإناث دون الذكور ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة ، فأنثها في قوله " خمس ذود " . قال ابن سيده : الذود مؤنث ، وتصغيره بغير هاء على غير قياس ، توهموا به المصدر ، قال الشاعر :


                                                          ذود صفايا بينها وبيني     ما بين تسع وإلى اثنتين
                                                          يغنيننا من عيلة ودين



                                                          وقولهم : الذود إلى الذود إبل - يدل على أنها في موضع اثنتين ؛ لأن الثنتين إلى الثنتين جمع ، قال : والأذواد جمع ذود ، وهي أكثر من الذود ثلاث مرات ، وقال أبو عبيدة : قد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله ليس في أقل من خمس ذود صدقة ، جعل الناقة الواحدة ذودا ، ثم قال : والذود لا يكون أقل من ناقتين ، قال : وكان حد خمس ذود عشرا من النوق ، ولكن هذا مثل ثلاثة فئة ، يعنون به ثلاثة ، وكان حد ثلاثة فئة أن يكون جمعا ؛ لأن الفئة جمع ، قال أبو منصور : وهو مثل قولهم : رأيت ثلاثة نفر وتسعة رهط وما أشبهه ، قال أبو عبيد : والحديث عام ؛ لأن من ملك خمسة من الإبل وجبت عليه فيها الزكاة ، ذكورا كانت أو إناثا ، وقد تكرر ذكر الذود في الحديث ، والجمع أذواد ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وما أبقت الأيام المال عندنا     سوى جذم أذواد محذفة النسل



                                                          معنى محذفة النسل : لا نسل لها يبقى ؛ لأنهم يعقرونها وينحرونها ، وقالوا : ثلاث أذواد وثلاث ذود ، فأضافوا إليه جميع ألفاظ أدنى العدد ، جعلوه بدلا من أذواد ، قال الحطيئة :


                                                          ثلاثة أنفس وثلاث ذود     لقد جار الزمان على عيالي



                                                          ونظيره : ثلاثة رحلة جعلوه بدلا من أرحال ، قال ابن سيده : هذا كله قول سيبويه وله نظائر وقد قالوا : ثلاث ذود يعنون ثلاث أينق ، قال اللغويون : الذود جمع لا واحد له من لفظه كالنعم ، وقال بعضهم : الذود واحد وجمع . وفي المثل : الذود إلى الذود إبل ، وقولهم إلى بمعنى مع ، أي : القليل يضم إلى القليل فيصير كثيرا . وذياد وذواد : اسمان . والمذاد : موضع بالمدينة . والذائد : اسم فرس نجيب جدا من نسل الحرون ، قال الأصمعي : هو الذائد بن بطين بن بطان بن الحرون .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية