الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عذب ) العين والذال والباء أصل صحيح ، لكن كلماته لا تكاد تنقاس ، ولا يمكن جمعها إلى شيء واحد . فهو كالذي ذكرناه آنفا في باب العين والذال والراء . وهذا يدل على أن اللغة كلها ليست قياسا ، لكن جلها ومعظمها .

                                                          فمن الباب : عذب الماء يعذب عذوبة ، فهو عذب : طيب . وأعذب القوم ، إذا عذب ماؤهم . واستعذبوا ، إذا استقوا وشربوا عذبا .

                                                          وباب آخر لا يشبه الذي قبله ، يقال : عذب الحمار يعذب عذبا وعذوبا فهو عاذب [ و ] عذوب : لا يأكل من شدة العطش . ويقال : أعذب عن الشيء ، إذا لها عنه وتركه . وفي الحديث : أعذبوا عن ذكر النساء . قال :


                                                          وتبدلوا اليعبوب بعد إلههم صنما ففروا يا جديل وأعذبوا

                                                          ويقال للفرس وغيره عذوب ، إذا بات لا يأكل شيئا ولا يشرب ، لأنه ممتنع من ذلك .

                                                          وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذوب : الذي ليس بينه وبين السماء ستر ، وكذلك العاذب . قال نابغة الجعدي :

                                                          [ ص: 260 ]

                                                          فبات عذوبا للسماء كأنه     سهيل إذا ما أفردته الكواكب



                                                          فأما قول الآخر :


                                                          بتنا عذوبا وبات البق يلسبنا     عند النزول قرانا نبح درواس



                                                          فممكن أن يكون أراد : ليس بيننا وبين السماء ستر ، وممكن أن يكون من الأول إذا باتوا لا يأكلون ولا يشربون .

                                                          وحكى الخليل : عذبته تعذيبا ، أي فطمته . وهذا من باب الامتناع من المأكل والمشرب .

                                                          وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذاب ، يقال منه : عذب تعذيبا . وناس يقولون : أصل العذاب الضرب . واحتجوا بقول زهير :


                                                          وخلفها سائق يحدو إذا خشيت     منه العذاب تمد الصلب والعنقا



                                                          قال : ثم استعير ذلك في كل شدة .

                                                          وباب آخر لا يشبه الذي قبله ، يقال لطرف السوط عذبة ، والجمع عذب . قال :


                                                          غضف مهرتة الأشداق ضارية     مثل السراحين في أعناقها العذب



                                                          والعذبة في قضيب البعير : أسلته . والعذيب : موضع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية