الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 708 ] ثم دخلت سنة ثمان وتسعين وستمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      استهلت والخليفة الحاكم العباسي ، وسلطان البلاد المنصور لاجين ، ونائبه بمصر مملوكه سيف الدين منكوتمر ، وقاضي الشافعية الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ، والحنفي حسام الدين الرازي ، والمالكي والحنبلي كما تقدم ، ونائب الشام سيف الدين قبجق المنصوري ، وقضاة الشام هم المذكورون في التي قبلها ، والوزير تقي الدين توبة ، والخطيب بدر الدين بن جماعة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان في أثناء المحرم رجعت طائفة من الجيش من بلاد سيس بسبب المرض الذي أصاب بعضهم ، فجاء كتاب السلطان بالعتب الأكيد والوعيد الشديد لهم ، وأن الجيش يخرج جميعه صحبة نائب السلطنة قبجق إلى هناك ، ونصب مشانق لمن تأخر بعذر أو غيره ، فخرج نائب السلطنة الأمير سيف الدين قبجق ، وصحبته الجيوش ، وخرج أهل البلد للفرجة على الأطلاب على ما جرت به العادة ، فبرز نائب السلطنة في أبهة عظيمة وتجمل هائل ، فدعت له العامة ، وكانوا يحبونه ، واستمر الجيش سائرين قاصدين بلاد سيس ، فلما وصلوا إلى حمص بلغ الأمير سيف الدين قبجق وجماعة من الأمراء أن السلطان متقلب الخاطر عليهم بسبب سعي منكوتمر فيهم ، وعلموا أن السلطان لا يخالفه لمحبته [ ص: 709 ] له ، فاتفق جماعة منهم على الدخول إلى بلاد التتار والنجاة بأنفسهم ، فساقوا من حمص فيمن أطاعهم ، وهم قبجق وبزلى وبكتمر السلحدار ألبكي ، واستمروا ذاهبين ، فرجع كثير من الجيش إلى دمشق ، وتخبطت الأمور ، وتأسفت العوام على قبجق لحسن سيرته فيهم ، وذلك في ربيع الآخر من هذه السنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية