الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا ( شعبة عن يزيد الرشك ) بكسر الراء ، وسكون المعجمة على ما في جميع النسخ المصححة فما وقع في شرح ابن حجر من ضم الراء لغزة قلم ، أو زلة قدم ، وفي القاموس : الرشك بالكسر : الكبير اللحية ، ولقب يزيد بن أبي يزيد الضبعي ، أحسب أهل زمانه ، وقال أبو الفرج الجوزي : الرشك بالفارسية : الكبير اللحية ولقب به لكبر لحيته . وقال المصنف في باب الصوم أن الرشك بلغة أهل البصرة هو القسام فقيل هو الذي يقسم الدور ، وكان يقسمها بمكة قبيل الموسم بالمساحة ليتصرف الملاك في أملاكهم في الموسم ، وقال ابن الجوزي وغيره : دخل عقرب لحيته فأقام بها ثلاثة أيام ، وهو لا يشعر لكبر لحيته ، واستشكل كون معرفتها ثلاثا ، وأجيب بأنه يحتمل أنه دخل مكانا كثير العقارب ثم رآها بعد الخروج منه بثلاثة أيام ، فعلم أنه من ذلك المكان ، وبأنه يحتمل أن أحدا رآها حين دخلت ، ولم يخبره بها إلا بعد ثلاثة أيام ليعلم هل يحس بها أو لا ، وأما من زعم أن ما ذكر في العقرب قد يقع لخفيف اللحية ، فلا وجه لتسميته للرشك بذلك لكبر لحيته ، فمكابرة فإن الوجود قاض بأن ذلك إنما وقع لكبير اللحية جدا على أن محقق الوقوع مقدم على ممكن الوقوع مع أن في وجه التسمية لا يلزم نفي ما عداه ، وأما ما وقع في كلام ابن حجر من أن الرشك بالفارسية العقرب فليس له أصل أصلا هذا ، وقال شارح : يزيد الرشك ثقة متعبد توفي سنة ثلاثين ومائة ( قال ) أي : الرشك ( سمعت معاذة ) بضم الميم بنت عبد الله العدوية ( قالت قلت لعائشة أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى ؟ قالت : نعم أربع ركعات ) أي : يصلي أربعا غالبا ( ويزيد ) عطف على يصلي مقدرا بعد نعم أي : ويزيد عليه أحيانا ( ما شاء الله ) أي : ما قدره وقضاه من غير حصر ، ولكن لم ينقل أكثر من اثني عشر ركعة ، ويؤيده ما روي عن عائشة ، وأم سلمة على ما ذكره صاحب القاموس في الصراط المستقيم أنه - صلى الله عليه وسلم - : " كان يصلي صلاة الضحى اثنتي عشرة ركعة وبه يندفع " [ ص: 106 ] قول ابن حجر أن قضية قولها : " ويزيد ما شاء الله " أن لا حصر للزيادة لكن باستقراء الأحاديث الصحيحة ، والضعيفة علم أنه لم يزد على الثمان ، ولم يرغب أكثر من اثنتي عشرة انتهى .

وأما ما روي عن أم ذر قالت : رأيت عائشة تصلي صلاة الضحى ، وتقول : " ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلا أربع ركعات " فمحمول على الغالب ، وفيه دليل على أن الأربع هو الأفضل من حيث مواظبته - صلى الله عليه وسلم - والزيادة عليه أحيانا ، وبه يضعف قول الشافعية بأن الثمان أفضل استدلالا بحديث الفتح مع أنه لا يدل على التكرار قطعا ويؤيد ما ذكرناه أن الحاكم حكى في كتابه المفرد في صلاة الضحى عن جماعة من أئمة الحديث أنهم كانوا يختارون أن يصلى الضحى أربعا ، ويدل عليه أكثر الأحاديث الواردة في ذلك ، وكحديث أبي الدرداء ، وأبي ذر عند الترمذي مرفوعا عن الله تعالى .

" ابن آدم اركع لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره " ، وقد قال بعض الشراح : أن جمهور العلماء على استحباب الضحى ، وأن أقلها ركعتان ثم اعلم أن جوابها رضي الله عنها عن السؤال وقع بأبلغ الوجوه ; لأنه جواب مع زيادة إفادة تشتمل على جواب سؤال آخر ، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - كم صلى ؟ على أن فيه إشعارا إلى كمال حفظها في القضية ، ومما يدل على أن صلاة الضحى أقلها ركعتان ما رواه المصنف في جامعه ، وأحمد وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من حافظ على شفعة الضحى غفرت له ذنوبه ، وإن كانت مثل زبد البحر " .

التالي السابق


الخدمات العلمية