الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فأما القسم الأول فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس أتبعناها أخبارا يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المقدم قبلهم على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد وليث بن أبي سليم وأضرابهم من حمال الآثار ونقال الأخبار [ ص: 6 ] فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم والستر عند أهل العلم معروفين فغيرهم من أقرانهم ممن عندهم ما ذكرنا من الإتقان والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال والمرتبة لأن هذا عند أهل العلم درجة رفيعة وخصلة سنية ألا ترى أنك إذا وازنت هؤلاء الثلاثة الذين سميناهم عطاء ويزيد وليثا بمنصور بن المعتمر وسليمان الأعمش وإسمعيل بن أبي خالد في إتقان الحديث والاستقامة فيه وجدتهم مباينين لهم لا يدانونهم لا شك عند أهل العلم بالحديث في ذلك للذي استفاض عندهم من صحة حفظ منصور والأعمش وإسمعيل وإتقانهم لحديثهم وأنهم لم يعرفوا مثل ذلك من عطاء ويزيد وليث وفي مثل مجرى هؤلاء إذا وازنت بين الأقران كابن عون وأيوب السختياني مع عوف بن أبي جميلة وأشعث الحمراني وهما صاحبا الحسن وابن سيرين كما أن ابن عون وأيوب صاحباهما إلا أن البون بينهما وبين هذين بعيد في كمال الفضل وصحة النقل وإن كان عوف وأشعث غير مدفوعين عن صدق وأمانة عند أهل العلم ولكن الحال ما وصفنا من المنزلة عند أهل العلم وإنما مثلنا هؤلاء في التسمية ليكون تمثيلهم سمة يصدر عن فهمها من غبي عليه طريق أهل العلم في ترتيب أهله فيه فلا يقصر بالرجل العالي القدر عن درجته ولا يرفع متضع القدر في العلم فوق منزلته ويعطى كل ذي حق فيه حقه وينزل منزلته وقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم مع ما نطق به القرآن من قول الله تعالى وفوق كل ذي علم عليم فعلى نحو ما ذكرنا من الوجوه نؤلف ما سألت من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 7 ] فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم كعبد الله بن مسور أبي جعفر المدائني وعمرو بن خالد وعبد القدوس الشامي ومحمد بن سعيد المصلوب وغياث بن إبراهيم وسليمان بن عمرو أبي داود النخعي وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية