الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 11 ] وتارة يحكي الخلاف ثم يقول " والعمل على الأول " كما ذكره في باب كتاب القاضي إلى القاضي ، ويكون الحكم كما قال . وتارة يحكي بعض الروايات ، أو الأقوال ، ثم يقول " وهو بعيد " كما ذكره في باب حد الزنا والقذف وغيرهما . وقد يكون اختاره بعض الأصحاب فأذكره . وتارة يذكر حكم مسألة ، ثم يخرج منها إلى نظيرتها مما لا نقل فيها عنده ، كما ذكره في أواخر باب الحجر في قوله " وكذلك يخرج في الناظر في الوقف " وفي باب الوكالة بقوله " وكذلك يخرج في الأجير والمرتهن " فيكون إما تابع غيره ، أو قاله من عنده . وقد يكون في المسألة نقل خاص لم يطلع عليه ، فأذكره إن ظفرت . أو يذكر حكم مسألة ، ثم يخرج فيها قولا من نظيرتها ، وهو كثير في كلامه . والحكم كالتي قبلها . وتارة يذكر حكمين مختلفين منصوصا عليهما في مسألتين متشابهتين ، ثم يخرج من إحداهما حكمها إلى الأخرى . كما ذكره في باب ستر العورة وغيره .

وللأصحاب في جواز النقل والتخريج في مثل هذا وأشباهه خلاف . ويأتي في الباب المذكور في أول كتاب الوصايا والقذف وغيرهما . ويأتي ذلك في القاعدة آخر الكتاب محررا إن شاء الله تعالى . وتارة يذكر حكم مسألة ولها مفهوم . فربما ذكرت المفهوم وما فيه من المسائل والخلاف ، إن كان وظفرت به .

وربما أطلق العبارة ، وهي مقيدة بقيد قد قيدها به المحققون من الأصحاب أو بعضهم ، فأنبه عليه ، وأذكر من قاله من الأصحاب إن تيسر .

وتارة يكون كلامه عاما ، والمراد الخصوص أو عكسه ، وقصد ضرب المثال ، فنبينه . وسيمر بك ذلك إن شاء الله تعالى . [ ص: 12 ]

وللمصنف في كتابه عبارات مختلفة في حكاية الخلاف غير ذلك ، ليس في ذكرها كبير فائدة فيما نحن بصدده . فلذلك تركنا ذكرها . وأحشي على كل مسألة إن كان فيها خلاف واطلعت عليه ، وأبين ما يتعلق بمفهومها ومنطوقها ، وأبين الصحيح من المذهب من ذلك كله . فإنه المقصود والمطلوب من هذا التصنيف ، وغيره داخل تبعا . وهذا هو الذي حداني إلى جمع هذا الكتاب لمسيس الحاجة إليه ; وهو في الحقيقة تصحيح لكل ما في معناه من المختصرات . فإن أكثرها بل والمطولات لا تخلو من إطلاق الخلاف . وقد أذكر مسائل لا خلاف فيها ، توطئة لما بعدها لتعلقها بها ، أو لمعنى آخر أبينه ، وأذكر القائل بكل قول واختياره . ومن صحح ، وضعف ، وقدم ، وأطلق إن تيسر ذلك . وأذكر إن كان في المسألة طرق للأصحاب ، ومن القائل بكل طريق . وقد يكون للخلاف فوائد مبينة عليه ، فأذكرها إن تيسر ، وإن كان فيها خلاف ذكرته وبينت الراجح منه . وقد يكون التفريع على بعض الروايات أو الوجوه دون بعض ، فأذكره ، وربما ذكره المصنف أو بعضه فأكمله . وربما ذكرت المسألة في مكانين أو أكثر ، أو أحلت أحدهما على الآخر ليسهل الكشف على من أرادها . وليس غرضي في هذا الكتاب الاختصار والإيجاز . وإنما غرضي : الإيضاح وفهم المعنى . وقد يتعلق بمسألة الكتاب بعض فروع . فأنبه على ذلك بقولي " فائدة " أو " فائدتان " أو " فوائد " فيكون كالتتمة له ، وإن كان فيه خلاف ذكرته وبينت المذهب منه . [ ص: 13 ]

وإن كان المذهب أو الرواية أو القول من مفردات المذهب ، نبهت على ذلك بقولي " وهو من المفردات أو من مفردات المذهب " إن تيسر . وربما تكون المسألة غريبة ، أو كالغريبة . فأنبه عليها بقولي " فيعايي بها " وقد يكون في بعض نسخ الكتاب زيادة أو نقص ، زادها من أذن له المصنف في إصلاحه أو نقصها . أو تكون النسخ المقروءة على المصنف مختلفة . كما في باب ذكر الوصية بالأنصباء والأجزاء ، وصلاة الجماعة . فأنبه على ذلك وأذكر الاختلاف . وربما يكون اختلاف النسخ مبنيا على اختلاف بين الأصحاب ، فأبينه إن شاء الله تعالى ، وأذكر بعض حدود ذكرها المصنف أو غيره ، وأبين من ذكرها ، ومن صحح أو زيف إن تيسر .

واعلم أنه إذا كان الخلاف في المسألة قويا من الجانبين ذكرت كل من يقول بكل قول ، ومن قدم وأطلق . وأشبع الكلام في ذلك ، مهما استطعت إن شاء الله تعالى ، وإن كان المذهب ظاهرا أو مشهورا ، والقول الذي يقابله ضعيفا أو قويا ، ولكن المذهب خلافه . أكتفي بذكر المذهب وذكر ما يقابله من الخلاف ، من غير استقصاء في ذكر من قدم وأخر . فإن ذكره تطويل بلا فائدة . فظن بهذا التصنيف خيرا . فربما عثرت فيه بمسائل وفوائد وغرائب ونكت كثيرة ، لم تظفر بمجموعها في غيره . فإني نقلت فيه من كتب كثيرة من كتب الأصحاب من المختصرات والمطولات ، من المتون والشروح . فمما نقلت منه من المتون : الخرقي ، والتنبيه ، وبعض الشافي لأبي بكر عبد العزيز ، وتهذيب الأجوبة لابن حامد ، والإرشاد لابن أبي موسى ، والجامع الصغير ، والأحكام السلطانية ، والروايتين ، والوجهين ، ومعظم التعليقة وهي الخلاف الكبير ، والخصال ، وقطعة من المجرد ، ومن الجامع الكبير ، للقاضي أبي يعلى [ ص: 14 ] ومن عيون المسائل من المضاربة إلى آخره لابن شهاب العكبري ، والهداية ، ورءوس المسائل ، والعبادات الخمس ، وأجزاء من الانتصار ، لأبي الخطاب والفصول ، والتذكرة ، وبعض المفردات . لابن عقيل . ورءوس المسائل للشريف أبي جعفر ، وفروع القاضي أبي الحسين . ومن مجموعه من الهبة إلى آخره بخطه . والعقود والخصال لابن البنا ، والإيضاح ، والإشارة ، وغالب المبهج ، لأبي الفرج الشيرازي .

والإفصاح لابن هبيرة ، والغنية للشيخ عبد القادر ، والروايتين والوجهين للحلواني ، والمذهب ، ومسبوك الذهب في تصحيح المذهب . لابن الجوزي ، والمذهب الأحمد في مذهب أحمد ، والطريق الأقرب . لولده يوسف ، والمستوعب للسامري ، والخلاصة لأبي المعالي بن منجا ، والكافي والهادي ورأيت في نسخة معتمدة : أن اسم الهادي " عمدة العازم في تلخيص المسائل الخارجة عن مختصر أبي القاسم " والعمدة مع المقنع للمصنف ، والبلغة . ومن التلخيص إلى الوصايا . للشيخ فخر الدين ابن تيمية . والمحرر للمجد ، والمنظومة لابن عبد القوي . والرعاية الكبرى والصغرى وزبدتها . والإفادات بأحكام العبادات . وآداب المفتي لابن حمدان . ومختصر ابن تميم إلى أثناء الزكاة . والوجيز للشيخ الحسين بن السري البغدادي . ونظمه للشيخ جلال الدين نصر الله البغدادي . والنهاية لابن رزين . ومن الحاوي الكبير إلى الشركة . والحاوي الصغير . وجزء من مختصر المجرد من البيوع . للشيخ أبي نصر عبد الرحمن مدرس المستنصرية . والفروق للزريراني ، والمنور في راجح المحرر . والمنتخب . للشيخ تقي الدين أحمد بن محمد الأدمي البغدادي . والتذكرة والتسهيل لابن عبدوس المتأخر على ما قيل . والفروع ، والآداب الكبرى والوسطى للعلامة شمس الدين بن مفلح . ومن الفائق إلى النكاح . للشيخ شرف الدين بن قاضي الجبل . وإدراك الغاية في اختصار الهداية . للشيخ صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق . واختيارات الشيخ تقي الدين ، جمع القاضي علاء الدين بن اللحام البعلي ولم يستوعبها . وجملة من مجاميعه وفتاويه ، ومجاميع غيره وفتاويه . والهدي [ ص: 15 ] للعلامة ابن القيم ، وغالب كتبه ، ومختصر ضخم لابن أبي المجد ، والقواعد الفقهية للعلامة الشيخ زين الدين بن رجب ، والقواعد الأصولية ، وتجريد العناية في تحرير أحكام النهاية للقاضي علاء الدين بن اللحام ، ونظم مفردات المذهب للقاضي عز الدين المقدسي . والتسهيل للبعلي . ومما نقلت منه من الشروح : الشرح الكبير لشيخ الإسلام شمس الدين بن أبي عمر على المقنع ، وهو المراد بقولي " الشرح ، والشارح " وشرح أبي البركات بن منجا عليه . وقطعة من مجمع البحرين لابن عبد القوي . إلى أثناء الزكاة عليه . وقطعة لابن عبيدان إلى ستر العورة عليه . وقطعة من الحارثي ، من العارية إلى الوصايا عليه . وشرح مناسكه للقاضي موفق الدين المقدسي مجلد كبير . والمغني للمصنف على الخرقي ، وشرح القاضي عليه . وشرح ابن البنا عليه ، وشرح ابن رزين عليه .

وشرح الأصفهاني عليه . وشرح الزركشي عليه ، وقطعة من شرح الطوفي إلى النكاح عليه ، وقطعة من شرح العمدة للشيخ تقي الدين ، ومختصر المغني لابن عبيدان بخطه ، ومن مختصر المغني لابن حمدان إلى آخر كتاب الجمعة بخطه ، وسماه " التقريب " وهو كتاب عظيم ، وشرح بهاء الدين عليها ، وشرح صفي الدين على المحرر . وقطعة للشيخ تقي الدين عليه . وتعليقة لابن خطيب السلامية عليه .

وقطعة للمجد إلى صفة الحج على الهداية . وقطعة من شرح أبي البقاء عليها ، وقطعة من شرح الوجيز للزركشي ، من أول العتق إلى أثناء الصداق . وقطعة من شرح الوجيز للشيخ حسن بن عبد الناصر المقدسي ، من كتاب الأيمان إلى آخر الكتاب وهو الجزء السابع ، وقطعة من شرح أبي حكيم عليها ، والنكت على المحرر . والحواشي على المقنع للشيخ شمس الدين بن مفلح . وحواشي شيخنا على المحرر والفروع ، وحواشي قاضي القضاة محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادي على الفروع ، وتصحيح الخلاف المطلق الذي في المقنع للشيخ شمس الدين النابلسي وتصحيح شيخنا قاضي القضاة عز الدين الكتاني على المحرر . [ ص: 16 ]

وغير ذلك من التعاليق والمجاميع والحواشي ، وقطعة من شرح البخاري لابن رجب ، وغير ذلك مما وقفت عليه .

واعلم أن من أعظم هذه الكتب نفعا ، وأكثرها علما وتحريرا وتحقيقا وتصحيحا للمذهب : كتاب الفروع . فإنه قصد بتصنيفه : تصحيح المذهب وتحريره وجمعه . وذكر فيه : أنه يقدم غالبا المذهب ، وإن اختلف الترجيح أطلق الخلاف إلا أنه رحمه الله تعالى لم يبيضه كله . ولم يقرأ عليه ، وكذلك الوجيز ، فإنه بناه على الراجح من الروايات المنصوصة عنه . وذكر أنه عرضه على الشيخ العلامة أبي بكر عبد الله بن الزريراني فهذبه له . إلا أن فيه مسائل كثيرة ليست المذهب وفيه مسائل كثيرة تابع فيها المصنف على اختياره . وتابع في بعض المسائل صاحب المحرر والرعاية ، وليست المذهب . وسيمر بك ذلك إن شاء الله .

وكذلك التذكرة لابن عبدوس . فإنه بناها على الصحيح من الدليل . وكذلك ابن عبد القوي في " مجمع البحرين " فإنه قال فيه " أبتدئ بالأصح في المذهب نقلا أو الأقوى دليلا . وإلا قلت مثلا : روايتان ، أو وجهان " وكذا قال في نظمه : " ومهما تأتي الابتدا براجح فإني به عند الحكاية أبتدي " وكذلك ناظم المفردات . فإنه بناها على الصحيح الأشهر . وفيها مسائل ليست كذلك . وكذلك الخلاصة لابن منجا . فإنه قال فيها " أبين الصحيح من الرواية والوجه " وقد هذب فيها كلام أبي الخطاب في الهداية . وكذلك الإفادات بأحكام العبادات لابن حمدان ، فإنه قال فيها " أذكر هنا غالبا صحيح المذهب ومشهوره ، وصريحه ومشكوره ، والمعمول عندنا عليه ، والمرجوع غالبا إليه " .

تنبيه : اعلم وفقك الله تعالى وإيانا أن طريقتي في هذا الكتاب : النقل عن الإمام أحمد والأصحاب . أعزو إلى كل كتاب ما نقلت منه . وأضيف إلى كل عالم ما أروي عنه . فإن كان المذهب ظاهرا أو مشهورا ، أو قد اختاره جمهور [ ص: 17 ] الأصحاب وجعلوه منصورا . فهذا لا إشكال فيه ، وإن كان بعض الأصحاب يدعي أن المذهب خلافه ، وإن كان الترجيح مختلفا بين الأصحاب في مسائل متجاذبة المأخذ ، فالاعتماد في معرفة المذهب من ذلك على ما قاله المصنف ، والمجد ، والشارح ، وصاحب الفروع ، والقواعد الفقهية ، والوجيز ، والرعايتين ، والنظم ، والخلاصة ، والشيخ تقي الدين ، وابن عبدوس في تذكرته . فإنهم هذبوا كلام المتقدمين ، ومهدوا قواعد المذهب بيقين . فإن اختلفوا فالمذهب : ما قدمه صاحب " الفروع " فيه في معظم مسائله .

فإن أطلق الخلاف ، أو كان من غير المعظم الذي قدمه ، فالمذهب : ما اتفق عليه الشيخان أعني المصنف والمجد أو وافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه .

وهذا ليس على إطلاقه ، وإنما هو في الغالب . فإن اختلفا فالمذهب مع من وافقه صاحب القواعد الفقهية ، أو الشيخ تقي الدين وإلا فالمصنف ، لا سيما إن كان في الكافي ، ثم المجد . وقد قال العلامة ابن رجب في طبقاته في ترجمة ابن المنى " وأهل زماننا ومن قبلهم إنما يرجعون في الفقه من جهة الشيوخ والكتب إلى الشيخين : الموفق والمجد " انتهى . فإن لم يكن لهما ولا لأحدهما في ذلك تصحيح ، فصاحب القواعد الفقهية ، ثم صاحب الوجيز ، ثم صاحب الرعايتين . فإن اختلفا فالكبرى ، ثم الناظم ، ثم صاحب الخلاصة ، ثم تذكرة ابن عبدوس ، ثم من بعدهم . أذكر من قدم ، أو صحح ، أو اختار ، إذا ظفرت به . وهذا قليل جدا . وهذا الذي قلنا من حيث الجملة ، وفي الغالب ، وإلا فهذا لا يطرد ألبتة .

بل قد يكون المذهب ما قاله أحدهم في مسألة . ويكون المذهب ما قاله الآخر في أخرى وكذا غيرهم باعتبار النصوص والأدلة والموافق له من الأصحاب . [ ص: 18 ]

هذا ما يظهر لي من كلامهم . ويظهر ذلك لمن تتبع كلامهم وعرفه . وسننبه على بعض ذلك في أماكنه . وقد قيل : إن المذهب فيما إذا اختلف الترجيح ما قاله الشيخان ، ثم المصنف ، ثم المجد ، ثم الوجيز ، ثم الرعايتين . وقال بعضهم : إذا اختلفا في المحرر والمقنع ، فالمذهب ما قاله في الكافي . وقد سئل الشيخ تقي الدين عن معرفة المذهب في مسائل الخلاف فيها مطلق في الكافي والمحرر والمقنع والرعاية والخلاصة والهداية وغيرها ؟ فقال " طالب العلم يمكنه معرفة ذلك من كتب أخر ، مثل كتاب التعليق للقاضي ، والانتصار لأبي الخطاب ، وعمد الأدلة لابن عقيل ، وتعليق القاضي يعقوب ، وابن الزاغوني . وغير ذلك من الكتب الكبار التي يذكر فيها مسائل الخلاف ، ويذكر فيها الراجح . وقد اختصرت هذه الكتب في كتب مختصرة ، مثل رءوس المسائل للقاضي أبي يعلى ، والشريف أبي جعفر ، ولأبي الخطاب ، وللقاضي أبي الحسين وقد نقل عن أبي البركات جدنا أنه كان يقول لمن يسأله عن ظاهر المذهب : إنه ما رجحه أبو الخطاب في رءوس مسائله . قال : ومما يعرف منه ذلك : المغني لأبي محمد ، وشرح الهداية لجدنا . " ومن كان خبيرا بأصول أحمد ونصوصه عرف الراجح من مذهبه في عامة المسائل " انتهى كلام الشيخ تقي الدين ، وهو موافق لما قلناه أولا . ويأتي بعض ذلك في أواخر كتاب القضاء .

واعلم رحمك الله أن الترجيح إذا اختلف بين الأصحاب إنما يكون ذلك لقوة الدليل من الجانبين . وكل واحد ممن قال بتلك المقالة إمام يقتدى به . فيجوز تقليده والعمل بقوله . ويكون ذلك في الغالب مذهبا لإمامه . لأن الخلاف إن كان للإمام أحمد فواضح . وإن كان بين الأصحاب ، فهو مقيس على قواعده وأصوله ونصوصه . وقد تقدم أن " الوجه " مجزوم بجواز الفتيا به . والله سبحانه وتعالى أعلم .

[ ص: 19 ] وسميته " بالإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف " وأنا أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، وأن يدخلنا به جنات النعيم ، وأن ينفع به مطالعه وكاتبه والناظر فيه . إنه سميع قريب . { وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } .

التالي السابق


الخدمات العلمية