الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة عبد المؤمن وولاية ابنه يوسف

في هذه السنة ، في العشرين من جمادى الآخرة ، توفي عبد المؤمن بن علي ، صاحب بلاد المغرب ، وإفريقية ، والأندلس ، وكان قد سار من مراكش إلى سلا ، فمرض بها ومات .

ولما حضره الموت جمع شيوخ الموحدين من أصحابه ، وقال لهم : قد جربت ابني محمدا . فلم أره يصلح لهذا الأمر ، وإنما يصلح له ابني يوسف ، وهو أولى بها ، فقدموه لها ، ووصاهم به ، وبايعوه ودعي بأمير المؤمنين ، وكتموا موت عبد المؤمن ، وحمل من سلا في محفة بصورة أنه مريض إلى أن وصل إلى مراكش .

وكان ابنه أبو حفص في تلك المدة حاجبا لأبيه ، فبقي مع أخيه على مثل حاله مع أبيه يخرج فيقول للناس : أمير المؤمنين أمر بكذا ، ويوسف [ لم ] يقعد مقعد أبيه إلى أن كملت المبايعة له في جميع البلاد ، واستقرت قواعد الأمور له ، ثم أظهر موت أبيه عبد المؤمن ، فكانت ولايته ثلاثا وثلاثين سنة وشهورا ، وكان عاقلا ، حازما ، سديد الرأي ، حسن السياسة للأمور ، كثير البذل للأموال ، إلا أنه كان كثير السفك لدماء المسلمين على الذنب الصغير .

[ ص: 300 ] وكان يعظم أمر الدين ويقويه ، ويلزم الناس في سائر بلاده بالصلاة ، ومن رئي وقت الصلاة غير مصل قتل ، وجمع الناس بالغرب على مذهب مالك في الفروع ، وعلى مذهب أبي الحسن الأشعري في الأصول ، وكان الغالب على مجلسه أهل العلم والدين ، المرجع إليهم ، والكلام معهم ولهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية