الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فأما إذا اختلفا في جنسه بأن قال أحدهما الثمن عين وقال الآخر هو دين فإن كان مدعي العين هو البائع بأن قال للمشتري بعت منك جاريتي بعبدك هذا وقال المشتري للبائع اشتريتها منك بألف درهم فإن كانت الجارية قائمة تحالفا وترادا لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تحالفا وترادا } من غير فصل بين ما إذا كان الاختلاف في قدر الثمن أو في جنسه وإن كانت هالكة عند المشتري لا يتحالفان عند أبي حنيفة وأبي يوسف والقول قول المشتري في الثمن مع يمينه وعند محمد يتحالفان وهي مسألة هلاك السلعة وقد مرت .

                                                                                                                                وإن كان مدعي العين هو المشتري بأن قال اشتريت جاريتك بعبدي هذا وقال البائع بعتها منك بألف درهم أو بمائة دينار فإن كانت الجارية قائمة يتحالفان بالنص وإن كانت هالكة يتحالفان أيضا إجماعا ويرد المشتري القيمة إما على أصل محمد فظاهر ; لأن هلاك السلعة عنده لا يمنع التحالف وإما على أصلهما ; فلأن وجوب اليمين على المشتري ظاهر أيضا ; لأن البائع يدعي عليه ثمن الجارية ألف درهم وهو ينكر وأما وجوب اليمين على البائع ; فلأن المشتري يدعي عليه إلزام العين وهو ينكر فكان كل واحد منهما مدعيا من وجه منكرا من وجه فيتحالفان ولو كان البائع يدعي عينا والبعض دينا والمشتري يدعي [ ص: 262 ] الكل دينا بأن قال البائع بعت منك جاريتي بعبدك هذا وبألف درهم وقال المشتري اشتريت جاريتك بألف درهم فإن كان المبيع وهو الجارية قائما تحالفا بالنص وإن كان هالكا فهو على الاختلاف .

                                                                                                                                ولو كان الأمر على العكس من ذلك كأن يدعي البعض عينا والبعض دينا والبائع يدعي الكل دينا بأن قال المشتري اشتريت منك جاريتك بعبدي هذا وبألف درهم وقيمة العبد خمسمائة وقال البائع بعتك جاريتي هذه بألف درهم فإن كانت الجارية قائمة تحالفا وترادا بالنص وإن كانت هالكة يتحالفان أيضا إجماعا إلا أن عندهما تقسم الجارية على قيمة العبد وعلى ألف درهم فما كان بإزاء العين وهو العبد وذلك ثلث الجارية يرد المشتري القيمة وما كان بإزاء الدين وهو الألف وذلك ثلثا الجارية يرد ألف درهم ولا يرد القيمة وإنما كان كذلك ; لأن المشتري لو كان يدعي كل الثمن عينا كانا يتحالفان ويرد المشتري القيمة على ما ذكرنا ولو كان كل الثمن دينا لكان القول قوله ولا يتحالفان على ما مر فإذا كان يدعي بعض الثمن عينا وبعضه دينا يرد القيمة بإزاء العين فالقول قوله بإزاء الدين اعتبارا للبعض بالكل وعند محمد يتحالفان ويرد المشتري جميع الثمن هذا إذا اختلفا في جنس الثمن .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية