الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرضه ) أي أركانه ( ستة ) فقط في حق السليم وغيره [ ص: 190 ] وما تميز به من وجوب زائد عليها شروط كما تقرر لا أركان أربعة بنص القرآن واثنان بالسنة ولكونه مفردا مضافا إلى معرفة ، وهو على الصحيح حيث لا عهد للعموم الصالح للجمعية من حيث مدلول لفظه إذ هو حينئذ المعنى الذي استغرقه لفظه الصالح له من غير حصر ، وإن كان مدلوله في التركيب من حيث الحكم عليه كلية على الأصح أي محكوما فيه على كل فرد فرد مطابقة ؛ لأنه في قوة قضايا بعدد أفراده أو الصريح فيها بناء على ظاهر كلام النحاة وليست العبرة في مطابقة المبتدأ للخبر إلا باصطلاحهم أن مدلوله كل أي محكوم فيه على مجموع الأفراد من حيث هو مجموع أخبر عنه بالجمع .

                                                                                                                              ثم رأيت بعض الأصوليين [ ص: 191 ] وضح ما أشرت إليه بقولي الصالح للجمعية فقال قد يكون معنى العموم شمول المجموع المحكوم عليه لكل فرد ، وإن كان الحكم على المجموع لا على الأفراد ومثاله قوله تعالى { إلا أمم أمثالكم } فإن الحكم بأنها أمم على مجموع الدواب والطيور دون أفرادها والحاصل أنه قد تقوم قرينة تدل على أنالحكم في العام حكم على مجموع الأفراد من حيث هو مجموع من غير نظر إلى كون أفراد العام الجمع أو نحوه آحادا أو جموعا فيكون المحكوم عليه كلا لا كلية ، وهو ما مر ولا كليا وهو المحكوم فيه على الماهية من حيث هي أي من غير نظر إلى الأفراد وذكر بعض الأصوليين أن للعام دلالتين دلالة على المعنى المشترك ، وهي التي الحكم فيها على الكلي من غير نظر إلى خصوص الأفراد ، وهي قطعية ودلالة على كل فرد فرد من الأفراد بالخصوص ، وهي ظنية انتهى .

                                                                                                                              وفيه تأييد لما مر ، وإن كان فيه نظر ومخالفة لما عليه محققوهم أي إن أراد الدلالة الحقيقية المطابقية ( أحدها نية رفع حدث ) أي رفع حكمه كحرمة نحو الصلاة ؛ لأن القصد من الوضوء رفع ذلك فإذا نواه فقد تعرض للمقصود فالحدث هنا الأسباب ؛ لأن تلك الحرمة مترتبة عليها [ ص: 192 ] ويصح أن يراد به المانع أو المنع فلا يحتاج لتقدير حكم والمراد رفع ما يصدق عليه ذلك ، وإن نوى غير ما عليه من أكبر أو أصغر لكن غلطا لا عمدا لتلاعبه وبه يرد استشكال تصوره إذ التلاعب والعبث كثيرا ما يقع من ضعفاء العقول أو نفي بعض أحداثه أو نوى رفعه في صلاة واحدة دون غيرها ؛ لأنه لا يتجزأ فإذا ارتفع بعضه ارتفع كله ولا يعارض بضده ؛ لأن المرتفع حكم الأسباب لا نفسها وهو واحد تعددت أسبابه ، وهي لا يجب التعرض لها فلغا ذكرها ولو نوى رفعه وأن لا يرفعه أو رفعه في صلاة وأن لا يرتفع لم يصح للتناقض وكذا لو نوى أن يصلي به بمحل نجس .

                                                                                                                              قيل تعبير أصله برفع الحدث أولى ؛ لأن أل فيه للعهد أي الذي عليه [ ص: 193 ] أو للشمول الداخل فيه ما عليه بخلاف التنكير ؛ لأنه يدخل فيه نية ما لم يكن عليه انتهى ، ويرد بأن فيه إيهام اشتراط التعريف في النية ، وهو أضر مما أوهمه التنكير على أن التعريف يوهم أيضا أنه لا تصح نية غير ما عليه مطلقا فساوى التنكير في هذا فالحق أن كلا أحسن من وجه ، وأن التنكير أخف إيهاما ( أو ) نية الطهارة عن الحدث أو نية ( استباحة مفتقر إلى طهر ) أي وضوء كما أومأ إليه التعبير بالاستباحة ودل عليه قوله : أو ما يندب له الوضوء كقراءة فلا وذلك كطواف ، وإن كان بمصر مثلا أو عيد ولو في رجب ؛ لأن نية ما يتوقف عليه ، وإن لم يمكنه فعله متضمنة لنية رفع الحدث .

                                                                                                                              وظاهر أنه لو قال نويت استباحة مفتقر لوضوء أجزأه ، وإن لم يخطر له شيء من مفرداته أنه وكون نيته حينئذ تصدق بنية واحد مبهم مما يفتقر له لا يضر ؛ لأنه مع ذلك متضمن لنية رفع الحدث

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في مطابقة المبتدأ للخبر ) لا يخفى أن مطابقتهما أمر معتبر في اللغة [ ص: 191 ] لا ينبني على الاصطلاح بل هو ثابت قبل وجود الاصطلاح والحاصل أن هذا الذي قرره أهل الأصول في مدلول العام ليس بمجرد الاصطلاح بل هو مدلول لغوي للفظ لا يخالف فيه النحاة ولا غيرهم وكون الحكم في العام تارة على كل فرد وهو الأكثر وتارة على المجموع أمر مشهور في الأصول وغيرها فلا حاجة لهذه التكلفات التي لا يخفى ما فيها على العارف ( قوله : وإن نوى غير ما عليه إلخ ) قال في شرح العباب بعد كلام ذكره ما نصه

                                                                                                                              [ ص: 192 ] ومن ثم اشترط هنا كما قاله الإسنوي ما يأتي في الصلاة من أنه لا بد من قصد فعلها ، وأنه لا يكفي إحضار نفس القصد في نحو الوضوء أو الطهارة مع الغفلة عن الفعل انتهى ( قوله : أو نوى رفعه في صلاة واحدة دون غيرها ) نقل الزركشي في هذه عدم الصحة عن فتاوى البغوي واعتمده شيخنا الشهاب الرملي ، وإن رده في شرح الروض ( قوله : لأنه لا يتجزأ فإذا ارتفع بعضه ارتفع كله ) قد يقال هذه العبارة متناقضة ؛ لأن انتفاء تجزئه ينافي ارتفاع بعضه إذ لا بعض إلا للمتجزئ فلا يتصور ارتفاع البعض فإذا أريد ارتفاع بعضه ارتفع كله ورد بأن هذا هو المتنازع فيه فلا يفيد الاستدلال به .

                                                                                                                              ( قوله وكذا لو نوى أن يصلي به بمحل نجس ) قال في شرح العباب أو ثوب نجس فإنه لا يصح لذلك أي لتلاعبه ؛ ولأنه نوى معصية كما يأتي وبه يعلم ضعف ما في فتاوى البغوي أنه لو قال نويت الطهارة الواجبة ولا أصلي به قال الشيخ قيل لا يصح والأصح عندي يصح لجميع الصلوات وقيل يصح لما سوى الصلاة ا هـ .

                                                                                                                              ويتجه عندي الصحة ؛ لأنه لم يجعل الوضوء للمعصية ، وإن نواها معه ولا يبعد أن مثل ما لو نواها بمحل نجس ما لو نوى المقيم بعد الزوال أن يصلي به هذه الظهر مقصورة أي حال إقامته لتلاعبه ولا ينافيه الصحة فيما لو نوى في رجب استباحة صلاة العيد ؛ لأنه لا يبعد أن محله إذا أطلق ، وأنه لو نوى بوضوئه صلاته الآن لم يصح لتلاعبه ولا يرد على ذلك أن الأذرعي قال في أصل هذه المسألة أعني نية من في رجب صلاة العيد لعل الوجه القائل بعدم الصحة أقرب ؛ لأنه متلاعب ا هـ مع أن كلامه خلاف المذهب ؛ لأن كلامه عند الإطلاق وليس هناك صريح تلاعب بخلاف ما نحن فيه فإنه قصد صريح التلاعب ولو نوى أن يصلي به في محل متنجس بمعفو عنه لم تبعد الصحة ؛ لأنه لا يتعين للصلاة على وجه مبطل وقد تصح الصلاة على النجس المعفو عنه فليتأمل م ر ولو نوى أن يصلي به على من لا تصح الصلاة عليه كشهيد المعركة فالوجه عدم الصحة أو أن يصلي به في الأوقات المكروهة فالوجه الصحة لصحة الصلاة في الأوقات المكروهة في الجملة كما في القضاء وما له سبب نعم إن قصد أن يصلي فيها صلاة [ ص: 193 ] لا سبب لها فالوجه عدم الصحة .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه يدخل فيه إلخ ) التعريف كذلك ( قوله ويرد بأن فيه إيهام إلخ ) يرد عليه أن التنكير فيه إيهام اشتراط التنكير وهذا يقابل إيهام التعريف اشتراط التعريف وفيه إيهام صحة نية غير ما عليه مطلقا وهذا يقابل إيهام التعريف عدم صحة نية غير ما عليه مطلقا فكيف يسوغ الرد بأن إيهام التعريف أضر وأزيد كما هو حاصل كلامه فتأمل ( قوله : على أن التعريف يوهم ) والتنكير يوهم صحة نية غير ما عليه مطلقا ( قوله : التعبير بالاستباحة ) قد يقال التعبير بالاستباحة شامل لنية استباحة المكث بالمسجد المفتقر إلى طهر أي غسل فلا إيماء فيه إلى الوضوء وقوله ودل إلخ فيه نظر ولو عبر بأشعر قرب في الجملة

                                                                                                                              .


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ستة ) ولم يعد الماء ركنا هنا مع عد [ ص: 190 ] التراب ركنا في التيمم ؛ لأن الماء غير خاص بالوضوء بخلاف التراب فإنه خاص بالتيمم ولا يرد عليه النجاسة المغلظة ؛ لأنه غير مطهر فيها وحده بل الماء بشرط امتزاجه بالتراب على أن بعضهم قال إنه لا يحسن عد التراب ركنا ؛ لأن الآلة جسم والفعل عرض فكيف يكون الجسم جزءا من العرض نهاية وفي سم بعد ذكر مثله عن شرح العباب ما نصه وأقول هو إشكال ساقط لوجوه منها أن هذا نظير عدهم العاقد ركنا للبيع مع أن البيع هو العقد ولا يتصور أن يكون العاقد جزءا من العقد وقد أجاب ابن الصلاح وغيره هناك بما يأتي نظيره هنا ومنها أن ليس المراد بكون التراب ركنا أو شرطا أن ذاته هو الركن أو الشرط ضرورة أن كلا من الركن والشرط متعلق الوجوب والوجوب لا يتعلق بالذوات بل بالأفعال بل المراد بالركن أو الشرط هو استعمال التراب أو الماء أو يقال كون المسح بالتراب والغسل بالماء ومنها أن جعله ركنا لا يقتضي كونه جزءا من الفعل ؛ لأن التيمم على هذا التقدير مجموع أمور منها المسح ومنها التراب فكونه ركنا إنما يقتضي كونه جزءا من هذا المجموع لا من الفعل الذي هو جزء هذا المجموع فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وما تميز به ) أي غير السليم ( من وجوب زائد ) بالإضافة بيان لما ( عليها ) أي الستة ( شروط ) خبر وما إلخ ( قوله : كما تقرر ) أي بقوله ، ويزيد السلس إلخ ( لا أركان ) عطف على شروط ( قوله : أربعة ) أي من الستة فمسوغ الابتداء الوصف المقدر وقوله بنص إلخ خبره ( قوله ولكونه ) أي لفظ فرض في فرضه والجار متعلق بقوله الآتي أخبر إلخ ( قوله : وهو ) أي المفرد المضاف إلخ ( قوله : للعموم ) أي فيعم كل فرض منه نهاية ومغني ( قوله : الصالح إلخ ) نعت للعموم مرادا به المعنى العام على طريق الاستخدام وقوله من حيث إلخ متعلق به ( قوله : إذ هو ) أي المعنى العام ( حينئذ ) أي بالنظر إلى دلالة لفظه عليه وقطع النظر عن الحكم عليه ( قوله : الصالح له ) بأن يكون اللفظ موضوعا لذلك المعنى ولو في الجملة بناني على شرح جمع الجوامع ( قوله : وإن كان مدلوله ) أي مدلول اللفظ العام وقوله في التركيب من حيث الحكم عليه احترز بذلك عن دلالته مجردا عن تركيبه مع غيره وعن دلالته لا من حيث الحكم عليه فإن مدلوله في هذه الحالة هو مفهومه المتقدم إذ النظر فيه حينئذ من حيث تصوره ، وأنه مدلول اللفظ فهو ملاحظ من حيث ذاته لا من حيث تركيبه مع غيره والحكم عليه بذلك الغير بناني .

                                                                                                                              ( قوله : كلية ) أي قضية كلية أي يتحصل منه مع ما حكم به عليه قضية كلية ففي الكلام مسامحة إذ الكلية مدلول القضية لا مدلول العام وكذا قوله : أي محكوما فيه إلخ إذ المحكوم فيه على كل فرد فرد هو القضية لا العام ففيه تساهل والأصل محكوما في التركيب المشتمل عليه أي التركيب الذي جعل فيه العام موضوعا ومحكوما عليه وجعل غيره محكوما به عليه بناني ( قوله : ؛ لأنه في قوة قضايا بعدد أفرادها ) علة لقوله مطابقة ولخص فيها جواب الأصفهاني عن سؤال عصريه القرافي الذي مضمونه أن دلالة العام على بعض أفراده خارجة عن الدلالات الثلاث المطابقة والتضمين والالتزام وحينئذ فإما أن يبطل حصر الدلالة في الأقسام الثلاثة أو لا يكون العام إلا على كل فرد فرد الذي هو معنى الكلية وحاصل الجواب أنها داخلة في المطابقة بناء على أن المراد بقولهم فيها دلالة اللفظ على تمام مسماه الأعم من الدلالة على تمام المسمى أو الدلالة على ما هو في قوة تمام المسمى بناني بحذف ( قوله : أو الصريح فيها ) أي الجمعية عطف على قوله الصالح إلخ ( قوله : وليست العبرة إلخ ) لا يخفى أن تطابقهما أمر معتبر في اللغة لا ينبني على الاصطلاح بل هو ثابت قبل وجود الاصطلاح والحاصل أن الذي قرره أهل الأصول في مدلول العام ليس بمجرد الاصطلاح بل هو مدلول لغوي للفظ لا يخالف فيه النحاة ولا غيرهم وكون الحكم في العام تارة على كل فرد وهو الأكثر وتارة على المجموع أمر مشهور في الأصول وغيرها فلا حاجة لهذه التكلفات التي لا يخفى ما فيها على العارف سم .

                                                                                                                              ( قوله أن مدلوله إلخ ) بدل من ظاهر إلخ بصري ( قوله : أخبر عنه إلخ ) أقول يمكن توجيه عبارة المتن بأن الإضافة للجنس ، وإن كان الأصل فيها الاستغراق والمراد به الماهية لا بشرط لا أو للعهد الخارجي والمراد بالفرد المخصوص المعهود [ ص: 191 ] الأركان بقرينة السياق وتعدادها فيما بعد بصري وقوله الماهية لا بشرط أي لا بشرط شيء من التحقق في ضمن فرد أو أكثر وعدمه ، وهي المسماة بالماهية المطلقة وقوله لا بشرط لا أي وليس المراد بالجنس الماهية بشرط لا شيء أي بشرط عدم التحقق في ضمن فرد أصلا وهي المسماة بالماهية المجردة أقول ، ويجوز أيضا أن يراد الماهية بشرط شيء المسماة بالماهية المخلوطة ( قوله : وضح ما أشرت إليه إلخ ) مراده أن قوله السابق للعموم الصالح إلخ إشارة إلى أن الحكم على المجموع قد يكون باعتبار شمول المجموع لكل فرد أي إحاطته عليها فوضح البعض ذلك الإشارة ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله لكل فرد ) متعلق بشمول إلخ ( قوله ومثال ) أي مثال الحكم على المجموع ( قوله والحاصل ) إلى قوله وذكر في النهاية ( قوله : والحاصل ) أي حاصل ما يتعلق بالمقام وقال الكردي أي حاصل كلام البعض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله قرينة إلخ ) كما في قولهم رجال البلد يحملون الصخرة العظيمة أي مجموعهم لا كل فرد فرد وكلام المنهاج من هذا القبيل نهاية ( قوله : وهو ) أي المحكوم عليه الكلية وقوله ما مر أي بقوله أي محكوما فيه على كل فرد فرد ( قوله : وهو ) أي الكلي ( قوله : وفيه تأييد إلخ ) لم يظهر وجه التأييد لما ذكره نعم يؤخذ منه بفرض صحته وجه وجيه لما نحن فيه بصري وهذا مبني على ما هو الظاهر من أن قول الشارح لما مر إشارة إلى قوله الصالح للجمعية إلخ وقال الكردي إنه إشارة إلى قوله أي محكوم فيه إلخ وعليه فالتأييد بل التصريح ظاهر لكنه ليس مطلوب الإثبات هنا حتى يحتاج إلى التأييد .

                                                                                                                              وقوله وجه وجيه إلخ يعني به أول الوجهين السابقين منه ( قوله أي إن أراد إلخ ) أي بخلاف ما إذا أراد الدلالة التضمنية عبارة البناني اعلم أن العلامة اللقاني اعترض كون دلالة العام على فرده مطابقة بأن المطابقة هي دلالة اللفظ على تمام ما وضع له من حيث إنه موضوع له ، وأن العام موضوع لجميع الأفراد من حيث هو جميعها لا لكل منها فكل واحد منها بعض الموضوع له لإتمامه فيكون العام دالا عليه تضمنا لا مطابقة وما استدل به من أنه في قوة قضايا فجوابه أن ما في قوة الشيء لا يلزم أن يساويه في أحواله وأحكامه ا هـ قول المتن .

                                                                                                                              ( نية رفع حدث ) أي على الناوي والكلام عليها من سبعة أوجه جمعها بعضهم في قوله

                                                                                                                              حقيقة حكم محل وزمن كيفية شرط ومقصود حسن

                                                                                                                              فحقيقتها لغة القصد وشرعا قصد الشيء مقترنا بفعله وحكمها الوجوب غالبا ومن غير الغالب نية غسل الميت ومحلها القلب وزمنها أول العبادات إلا في الصوم وكيفيتها تختلف بحسب الأبواب وشرطها إسلام الناوي وتمييزه وعلمه بالمنوي وعدم إتيانه بمنافيها بأن يستصحبها حكما والمقصود بها تمييز العبادة عن العادة كالجلوس للاعتكاف تارة وللاستراحة أخرى أو تمييز رتبها كالصلاة تكون تارة فرضا وأخرى نفلا نهاية ومغني بزيادة من حاشية شيخنا .

                                                                                                                              ( قوله : أي رفع ) إلى قوله أو نوى في النهاية والمغني إلا قوله فالحدث إلى ، وإن نوى وقوله وبه يرد إلى أو نفي ( قوله : أي رفع حكمه ) ؛ لأن الواقع لا يرتفع مغني ( قوله : كحرمة نحو الصلاة ) الكاف يغني عن النحو عبارة شيخنا أي رفع حكمه الذي هو المنع من الصلاة ونحوها ، وإن لم يقصد ذلك أو لم يعرفه ا هـ وقوله أو لم يعرفه فيه توقف فليراجع وعبارة الحلبي ، وإن لم يلاحظ المتوضئ هذا المعنى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن القصد إلخ ) تعليل لمحذوف أي ، وإنما اكتفى بنية رفع الحدث ؛ لأن إلخ بجيرمي عبارة الحلبي ، وإنما كان رفع الحكم هو المراد ؛ لأن القصد من الوضوء رفع مانع الصلاة ونحوها أي المنع المترتب على وجود ذلك الحدث فإذا نواه أي رفع الحدث فقد تعرض للقصد أي لما هو المقصود من الطهارة ، وهو رفع مانع الصلاة ونحوها الذي هو حكم الحدث الذي نواه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإذا نواه ) أي رفع الحدث ع ش وبجيرمي ( قوله للمقصود ) ، وهو رفع مانع نحو الصلاة بجيرمي ( قوله : لأن تلك إلخ ) ؛ ولأنها هي التي تتأتى فيها جميع الأحكام الآتية التي من جملتها ما لو نوى غير ما عليه رشيدي [ ص: 192 ] و ع ش .

                                                                                                                              ( قوله المانع ) أي الأمر الذي يقوم بالأعضاء ، ويمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص شيخنا ( قوله : فلا يحتاج إلخ ) بل لا يصح إلا بتكلف ( قوله : وإن نوى إلخ ) قال في شرح العباب بعد كلام ذكره ما نصه ومن ثم اشترط هنا كما قاله الإسنوي ما يأتي في الصلاة من أنه لا بد من قصد فعلها ، وأنه لا يكفي إحضار نفس القصد في نحو الوضوء أو الطهارة مع الغفلة عن الفعل انتهى ا هـ سم ( قوله : غير ما عليه ) أي كأن بال ولم ينم فنوى رفع حدث النوم مغني ( قوله : وبه يرد إلخ ) أي بقوله لتلاعبه ( قوله : لكن غلطا ) وضابط ما يضر الغلط فيه وما لا يضر كما ذكره القاضي وغيره أن ما يعتبر التعرض له جملة وتفصيلا أو جملة لا تفصيلا يضر الغلط فيه فالأول كالغلط من الصوم إلى الصلاة وعكسه والثاني كالغلط في تعيين الإمام وما لا يجب التعرض له لا جملة ولا تفصيلا لا يضر الغلط فيه كالخطأ هنا وفي تعيين المأموم حيث لم يجب التعرض للإمامة أما إذا وجب التعرض لها كإمام الجمعة فإنه يضر خطيب .

                                                                                                                              ( قوله : لا عمدا ) ومن العمد كما في الإمداد وغيره ما لو نوى الذكر رفع حدث نحو الحيض إذ لا يتصور فيه الغلط وخالف الجمال الرملي فاعتمد الصحة في الغلط ، وإن لم يتصور منه كردي ( قوله : أو نفي بعض أحداثه ) أي كأن نام وبال فنوى رفع حدث النوم لا البول شرح بافضل ( قوله : أو نوى ) إلى قوله ولو نوى في المغني ( قوله : أو نوى رفعه في صلاة واحدة إلخ ) وفاقا للأسنى واعتمد النهاية والمغني والشهاب الرملي عدم الصحة في ذلك وفاقا للزركشي وأقره سم ومال إليه السيد البصري عبارة النهاية والمغني وشمل ذلك ما لو نوى أن يصلي به الظهر ولا يصلي به غيرها ، وهو كذلك بخلاف ما لو نوى به رفع حدثه بالنسبة لصلاة دون غيرها فإنه لا يصح وضوءه قولا واحدا كما قاله البغوي ؛ لأن حدثه لا يتجزأ إذا بقي بعضه بقي كله وهذا هو المعتمد ، وإن قال الشيخ أنه مردود ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكذا لو نوى أن يصلي به إلخ ) كذا في النهاية والمغني ( قوله بمحل نجس ) قال في شرح العباب أو ثوب نجس فإنه لا يصح لذلك أي لتلاعبه ؛ ولأنه نوى معصية كما يأتي وبه يعلم ضعف ما في فتاوى البغوي أنه لو قال نويت الطهارة الواجبة ولا أصلي به قال الشيخ قيل لا يصح والأصح عندي يصح لجميع الصلوات وقيل يصح لما سوى الصلاة ا هـ ويتجه عندي الصحة ؛ لأنه لم يجعل الوضوء للمعصية ، وإن نواها معه ولا يبعد أن مثل ما لو نواها به بمحل نجس ما لو نوى المقيم بعد الزوال أن يصلي به هذه الظهر مقصورة أي حال إقامته لتلاعبه ولا ينافيه الصحة [ ص: 193 ] فيما لو نوى في رجب استباحة صلاة العيد ؛ لأنه لا يبعد أن محله إذا أطلق ، وأنه لو نوى بوضوئه صلاته الآن لم يصح لتلاعبه ولو نوى أن يصلي به في محل متنجس بمعفو عنه لم تبعد الصحة م ر .

                                                                                                                              ولو نوى أن يصلي به على من لا تصح الصلاة عليه كشهيد المعركة فالوجه عدم الصحة أو أن يصلي به في الأوقات المكروهة فالوجه الصحة لصحة الصلاة فيها في الجملة م ر كما في القضاء وماله سبب نعم إن قصد أن يصلي فيها صلاة لا سبب لها فالوجه عدم الصحة م ر ا هـ سم وقوله نعم إلخ نقل البصري عن فتاوى ابن زياد مثله وأقره ( قوله : أو للشمول ) أي العمومي بدليل ما بعده ( قوله : ؛ لأنه يدخل فيه إلخ ) التعريف كذلكسم وقد يجاب بأن الدخول في التعريف شمولي وفي التنكير بدلي ( قوله نية ما لم يكن عليه ) أي فيوهم صحتها مطلقا ( قوله : وهو أضر ) أطال سم في رده راجعه .

                                                                                                                              ( قوله : على أن التعريف يوهم إلخ ) وكذا التنكير يوهم صحة نية غير ما عليه مطلقا سم ( قوله : مطلقا ) أي عمدا أو خطأ ( قوله : في هذا ) يعني في نظير هذا من إيهام أنه يصح نية غير ما عليه مطلقا ( قوله : أو نية الطهارة ) إلى قوله لا نية في المغني وإلى قول المتن أو أداء في النهاية إلا قوله ؛ لأن إلى وظاهر ( قوله : عن الحدث ) أو له أو لأجله نهاية قول المتن ( استباحة مفتقر إلخ ) أي استباحة شيء مفتقر صحته إلى طهر نهاية ومغني أي فرد من أفراده كأن قال نويت استباحة الصلاة أو مس المصحف بجيرمي ( قوله : أي وضوء إلخ ) ولا يرد على تعبيره بطهر قراءة القرآن والمكث في المسجد مع افتقارهما إلى طهر ، وهو الغسل ولا يصح الوضوء بنيتهما ؛ لأنه خرج بقوله استباحة أذنيه استباحتهما تحصيل للحاصل نهاية ومغني .

                                                                                                                              قال ع ش وشرط نية استباحة الصلاة قصد فعلها بتلك الطهارة فلو لم يقصد فعل الصلاة أي ولا نحوها بوضوئه قال في المجموع فهو متلاعب لا يصار إليه ا هـ خطيب ومثله في حواشي شرح الروض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ودل إلخ ) فيه نظر ولو عبر بأشعر قرب في الجملة سم ( قوله : وذلك ) أي المفتقر إلى طهر ( قوله : وإن كان بمصر مثلا إلخ ) أي ما لم يقيده بفعله حالا وإلا فلا يصح لتلاعبه كذا قيل ويؤخذ منه أنه لو كان من المتصرفين بحيث يقدر على الوصول إلى مكة في الوقت الذي عينه الصحة ، وهو ظاهر .

                                                                                                                              وأما لو كان عاجزا وقت النية ثم عرضت له القدرة بعد بأن صار متصرفا أو اتفق له من يوصله إلى مكة في ذلك الوقت من المتصرفين لم يصح لفساد النية عند الإتيان بها وما وقع باطلا لا ينقلب صحيحا هذا ومقتضى تعليل ابن حج بقوله ؛ لأن نية ما يتوقف عليه إلخ أنه لا فرق بين أن يقيد ذلك بفعله حالا أو لا لكن ينافيه عدم الصحة فيما لو نوى بوضوئه الصلاة بمحل نجس فالأولى الأخذ بما قيل من فساد النية ويحمل ما اقتضاه التعليل المذكور على أن محله إذا لم يصرح بمنافيه ع ش وتقدم عن سم ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله : أو عيد إلخ ) أي صلاة العيد ( قوله : شيء من مفرداته ) أي من حيث خصوصه وإلا فلا بد من تصور ما يصدق عليه أنه يفتقر إلى وضوء ؛ لأن النية إنما يعتد بها إذا قصد فعل المنوي بقلبه ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية