الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
150 - " اتقوا دعوة المظلوم؛ وإن كان كافرا؛ فإنه ليس دونها حجاب " ؛ (حم ع) ؛ والضياء ؛ عن أنس ؛ (صح).

التالي السابق


(اتقوا دعوة المظلوم) ؛ أي: تجنبوا الظلم؛ لئلا يدعو عليكم المظلوم؛ (وإن كان كافرا) ؛ معصوما؛ فإن دعوته إن كان مظلوما مستجابة؛ وفجوره على نفسه؛ وفي حديث أحمد عن أبي هريرة مرفوعا: " دعوة المظلوم مستجابة؛ ولو كان فاجرا؛ ففجوره على نفسه" ؛ وإسناده كما في الفتح حسن؛ وروى ابن حبان ؛ والحاكم عن أبي ذر من حديث طويل أن في صحف إبراهيم: " أيها الملك المسلط المبتلى المغرور؛ إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض؛ ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم؛ فإني لا أردها؛ ولو من كافر" ؛ ولا ينافيه: وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ؛ لأن ذلك في دعائهم للنجاة من نار الآخرة؛ فلا يدل على عدم اعتباره في الدنيا؛ ثم علل الاتقاء بقوله: (فإنه) ؛ أي: الشأن؛ قال القرطبي : الرواية الصحيحة: " فإنه" ؛ بضمير المذكر؛ على أن يكون ضمير الأمر والشأن؛ ويحتمل عوده على مذكر الدعوة؛ فإن مذكر الدعوة " دعاء" ؛ وفي رواية: " فإنها" ؛ بالتأنيث؛ وهو عائد على لفظ الدعوة؛ (ليس دونه) ؛ وفي رواية: " دونها" ؛ (حجاب) ؛ أي: ليس بينها وبين القبول حجاب مانع؛ و" الحجاب" ؛ هنا؛ ليس حسيا؛ لاقتضائه نوعا من البعد؛ واستقرار في مكان؛ والله - سبحانه وتعالى - منزه عن ذلك؛ وأقرب لكل شيء من نفسه؛ فهو تمثيل لمن يقصد باب سلطان عادل جالس لرفع المظالم؛ فإنه لا يحجب.

(حم ع؛ والضياء) ؛ المقدسي ؛ (عن أنس ) ؛ ابن مالك ؛ واتفق عليه الشيخان؛ بدون الكافر.



الخدمات العلمية