الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رحا ]

                                                          رحا : الرحا : معروفة ، وتثنيتها رحوان ، والياء أعلى ورحوت الرحا : عملتها ، ورحيت أكثر وقال في المعتل بالياء : الرحى الحجر العظيم . قال ابن بري : الرحا عند الفراء يكتبها بالياء وبالألف ; لأنه يقال رحوت بالرحا ورحيت بها . ابن سيده : الرحى الحجر العظيم ، أنثى . والرحى : معروفة التي يطحن بها ، والجمع أرح وأرحاء ورحي ورحي ، وأرحية الأخيرة نادرة قال :


                                                          ودارت الحرب كدور الأرحيه



                                                          قال : وكرهها بعضهم . وحكى الأزهري عن أبي حاتم قال : جمع الرحى أرحاء ، ومن قال أرحية فقد أخطأ ، قال : وربما قالوا في الجمع الكثير رحي ، وكذلك جمع القفا أقفاء ، ومن قال أقفية فقد أخطأ قال : وسمعنا في أدنى العدد ثلاث أرح ، قال : والرحى مؤنثة ، وكذلك القفا وألف الرحى منقلبة من الياء ، تقول هما رحيان ، وقال مهلهل بن ربيعة التغلبي :


                                                          كأنا غدوة وبني أبينا     بجنب عنيزة رحيا مدير



                                                          وكل من مد قال رحاء ورحاءان وأرحية مثل عطاء وعطاءان وأعطية ، جعلها منقلبة من الواو ، قال الجوهري : ولا أدري ما حجته ولا ما صحته ، قال ابن بري هنا : حجته رحت الحية ترحو إذا استدارت ، قال : وأما صحة رحاء بالمد ، فقولهم أرحية . ورحيت الرحى : عملتها وأدرتها الجوهري : رحوت الرحا ورحيتها إذا أدرتها . وفي الحديث : تدور رحا الإسلام لخمس أو ست أو سبع وثلاثين سنة ، فإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين سنة ، وإن يهلكوا فسبيل من هلك من الأمم ، وفي رواية : تدور في ثلاث وثلاثين سنة أو أربع وثلاثين سنة قالوا : يا رسول الله سوى الثلاث والثلاثين ، قال : نعم ; قال ابن الأثير : يقال دارت رحى الحرب إذا قامت على ساقها ، وأصل الرحى التي يطحن بها ، والمعنى أن الإسلام يمتد قيام أمره على سنن الاستقامة والبعد من إحداثات الظلمة إلى تقضي هذه المدة التي هي بضع وثلاثون ، [ ص: 127 ] ووجهه أن يكون قاله وقد بقيت من عمره السنون الزائدة على الثلاثين باختلاف الروايات فإذا انضمت إلى مدة خلافة الأئمة الراشدين وهي ثلاثون سنة كانت بالغة ذلك المبلغ ، وإن كان أراد سنة خمس وثلاثين من الهجرة ففيها خرج أهل مصر وحصروا عثمان - رضي الله عنه - وجرى فيها ما جرى وإن كانت ستا وثلاثين ففيها كانت وقعة الجمل وإن كانت سبعا وثلاثين ففيها كانت وقعة صفين ، وأما قوله يقم لهم سبعين عاما فإن الخطابي قال : يشبه أن يكون أراد مدة ملك بني أمية وانتقاله إلى بني العباس ، فإنه كان بين استقرار الملك لبني أمية إلى أن ظهرت دعاة الدولة العباسية بخراسان نحو من سبعين سنة ، قال ابن الأثير : وهذا التأويل كما تراه فإن المدة التي أشار إليها لم تكن سبعين سنة ، ولا كان الدين فيها قائما ويروى : تزول رحى الإسلام عوض تدور أي : تزول عن ثبوتها واستقرارها . وترحت الحية : استدارت وتلوت فهي مترحية ، ولهذا قيل لها إحدى بنات طبق ، قال رؤبة :


                                                          يا حي لا أفرق أن تفحي     أو أن ترحي كرحى المرحي



                                                          والمرحي : الذي يسوي الرحى قال : وفحيح الحية بفيه وحفيفه من جرش بعضه ببعض إذا مشى فتسمع له صوتا . الجوهري : رحت الحية ترحو وترحت إذا استدارت . والأرحاء : عامة الأضراس واحدها رحى ، وخص بعضهم به بعضها فقال قوم : للإنسان اثنتا عشرة رحى في كل شق ست فست من أعلى وست من أسفل وهي الطواحن ، ثم النواجذ بعدها ، وهي أقصى الأضراس ، وقيل : الأرحاء بعد الضواحك وهي ثمان : أربع في أعلى الفم ، وأربع في أسفله تلي الضواحك ، قال :


                                                          إذا صممت في معظم البيض أدركت     مراكز أرحاء الضروس الأواخر



                                                          وأرحاء البعير والفيل : فراسنهما . والرحا : الصدر ، قال :


                                                          أجد مداخلة وآدم مصلق     كبداء لاحقة الرحا وشميذر



                                                          ورحا الناقة : كركرتها ، قال الشماخ :


                                                          فنعم المعترى ركدت إليه     رحى حيزومها كرحا الطحين



                                                          والرحى : كركرة البعير . الأزهري : فراسن الجمل أرحاؤه وثفنات ركبه وكركرته أرحاؤه ، وأنشد ابن السكيت :


                                                          إليك عبد الله يا محمد     باتت لها قوائد وقود
                                                          وتاليات ورحى تميد



                                                          قال : ورحى الإبل مثل رحى القوم ، وهي الجماعة ، يقول : استأخرت جواحرها واستقدمت قوائدها ووسطت رحاها بين القوائد والجواحر . والرحى : قطعة من النجفة مشرفة على ما حولها تعظم نحو ميل ، والجمع أرحاء ، وقيل : الأرحاء قطع من الأرض غلاظ دون الجبال تستدير وترتفع عما حولها . ابن الأعرابي : الرحى من الأرض مكان مستدير غليظ يكون بين رمال . قال ابن شميل : الرحا القارة الضخمة الغليظة ، وإنما رحاها استدارتها وغلظها وإشرافها على ما حولها ، وأنها أكمة مستديرة مشرفة ، ولا تنقاد على وجه الأرض ولا تنبت بقلا ولا شجرا ، وقال الكميت :


                                                          إذا ما القف ذو الرحيين أبدى     محاسنه وأفرخت الوكور



                                                          قال : والرحا الحجارة والصخرة العظيمة . ورحى الحرب : حومتها ، قال :


                                                          ثم بالنيرات دارت رحانا     ورحى الحرب بالكماة تدور



                                                          وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          فدارت رحانا بفرسانهم     فعادوا كأن لم يكونوا رميما



                                                          ورحى الموت : معظمه ، وهي المرحى ، قال :


                                                          على الجرد شبانا وشيبا عليهم     إذا كانت المرحى الحديد المجرب



                                                          ومرحى الجمل : موضع بالبصرة دارت عليه رحى الحرب . التهذيب : رحى الحرب حومتها ورحى الموت ومرحى الحرب . وفي حديث سليمان بن صرد : أتيت عليا حين فرغ من مرحى الجمل ، قال أبو عبيد : يعني الموضع الذي دارت عليه رحى الحرب ، وأنشد :


                                                          فدرنا كما دارت على قطبها الرحى     ودارت على هام الرجال الصفائح



                                                          ورحى القوم : سيدهم الذي يصدرون عن رأيه وينتهون إلى أمره كما يقال لعمر بن الخطاب رحا دارة العرب . قال : ويقال رحاه إذا عظمه وحراه إذا أضاقه . والرحى : جماعة العيال . والرحى : نبت تسميه الفرس اسبانخ . ورحا السحاب : مستدارها . وفي حديث صفة السحاب : كيف ترون رحاها أي : استدارتها أو ما استدار منها . والأرحي : القبائل التي تستقل بنفسها وتستغني عن غيرها ، والرحى من قول الراعي :


                                                          عجبت من السارين والريح قرة     إلى ضوء نار بين فردة والرحى



                                                          قال : اسم موضع . والرحا من الإبل : الطحانة ، وهي الإبل الكثيرة تزدحم . والرحا : فرس النمر بن قاسط . وزعم قوم أن في شعر هذيل رحيات ، وفسروه بأنه موضع ، قال ابن سيده : وهذا تصحيف إنما هو زخيات - بالزاي والخاء - والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية