الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1777 [ ص: 549 ] 6 - باب : الإيمان يأرز إلى المدينة

                                                                                                                                                                                                                              1876 - حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا أنس بن عياض قال: حدثني عبيد الله، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها". [ مسلم: 147 - فتح: 4 \ 93]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عبيد الله، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها".

                                                                                                                                                                                                                              و(عبيد) الله هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب. و(خبيب) -بضم الخاء المعجمة- هو خاله - ابن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف بن عنتة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم، أخي زيد، وكانا توأمين، ابني الحارث بن الخزرج، توفي خبيب الأعلى في خلافة عثمان، وكان شهد بدرا وما بعدها، وتوفي الأدنى في زمن مروان بن محمد بن مروان.

                                                                                                                                                                                                                              و(يأرز) بمثناة تحت، ثم همزة، ثم راء مكسورة، ثم زاي، هذا هو المشهور، وحكاه ابن قرقول عن أكثر الرواة، قال: وقال أبو الحسين بن [ ص: 550 ] سراج: "ليأرز" بضم الراء. وعن القابسي : فتحها.

                                                                                                                                                                                                                              ونقل ابن التين عن الشيخ أبي عمران أنه قال: الذي جرى على ألسنتهم -يعني: المحدثين- فتح الراء، والصواب كسرها، ومعناه فيما ذكره ابن سيده: ثبتت في مكانها ولاذت بجحرها ورجعت إليه.

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو عبيد، عن الأصمعي: يأرز: ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض.

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو الأسود الديلي: إن فلانا إذا سئل أرز، وإذا دعي اهتز. قال أبو عبيد: يعني إذا سئل المعروف تضام، وإذا دعي إلى طعام أو غيره مما يناله اهتز لذلك. وقال الداودي معناه: يرجع ويجتمع ويأتي، وكان هذا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن يليه، و(الجحر): الكوة، والمراد بالمدينة هنا أهلها، قاله أبو مصعب الزبيري، وفيه تنبيه على صحة مذهبهم وسلامتهم من البدع، وأن عملهم حجة، كما رأى مالك.

                                                                                                                                                                                                                              وقال المهلب: فيه أن المدينة لا يأتيها إلا مؤمن، وإنما يسوقه إليها إيمانه ومحبته في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكأن الإيمان يرجع إليها كما خرج منها أولا ومنها انتشر كانتشار الحية من جحرها، ثم إذا راعها شيء رجعت إلى جحرها، فكذلك الإيمان لما دخلته الدواخل لم يقصد المدينة إلا مؤمن كامل الإيمان.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية