الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الجارية يبيعها الرجل فتلد ولدا عند المشتري فيدعيه البائع والمشتري وقد جاءت بالولد لما يشبه أن يكون من البائع ومن المشتري ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك في الجارية يطؤها المشتري والبائع في طهر واحد فتلد ولدا : أنه يدعى لولدها القافة فأرى مسألتك إن كان وطآها في طهر واحد دعي لولدها القافة وإن كان بعد حيضة وولدت لأقل من ستة أشهر فهو للأول ، وإن كانت ولدته لستة أشهر أو أكثر من ذلك فهو للمشتري وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون ، وأخبرني ابن وهب ، عن الليث بن سعد : أن ابن شهاب حدثه عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : { دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال : ألم تر أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال : إن بعض هذه الأقدام لمن بعض . }

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب ، وحدثني رجال من أهل العلم ، عن أبي موسى الأشعري وكعب بن ثور الأزدي وكان قاضيا لعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز : أنهم قضوا بقول القافة وألحقوا به النسب .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : قال يونس ، قال أبو الزناد : يعاقبون ويدعى لولدها القافة فيلحق بالذي يلحقونه به منهم والوليدة والولد للملحق به . وقال يحيى بن سعيد قال : كان سلفنا يقضون في الرهط يتداولون الجارية بالبيع أو الهبة فيطئونها قبل أن يستبرئوها بحيضة فتحمل فلا يدرى ممن حملها إن وضعت قبل ستة أشهر فهو من الأول ، وتعتق في ماله ويجلدون خمسين خمسين كل واحد منهم ، فإن بلغت ستة أشهر ثم وضعت قبل ستة أشهر دعي لولدها القافة فألحقوه بمن ألحقوه ثم [ ص: 554 ] أعتقت في مال من ألحقوا به الولد ويجلد كل واحد منهم خمسين جلدة ، وإن أسقطت سقطا معروفا أنه سقط قضي بثمنها عليهم وعتقت وجلد كل واحد خمسين جلدة ، وإن ماتت قبل أن تضع فهي منهم جميعا ثمنها عليهم كلهم . قال : فمضى بهذا أمر الولاة .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب ، وأخبرني الخليل بن مرة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يغش رجلان امرأة في طهر واحد } .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب ، وأخبرني أسامة بن زيد ، عن عطاء بن أبي رباح قال : أتي عمر بن الخطاب بجارية قد تداولها ثلاثة نفر كلهم يطؤها في طهر واحد ولا يستبرئها فاستمر حملها فأمر بها عمر فحبست حتى وضعت ثم دعا لها القافة فألحقوه برجل منهم فلحق به ، وقضى عمر عند ذلك أن من ابتاع جارية قد بلغت المحيض فليتربص بها حتى تحيض . قال : ونكلهم جميعا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب ، وأخبرني ابن أبي ذئب ويونس ، عن ابن شهاب مثله .

                                                                                                                                                                                      قال يونس : قال ابن شهاب : فأيهم ألحق به كان منه وأمه أم ولد .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية