الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          . ( ويقرره ) أي : المهر ( كاملا موت ) أحد الزوجين ( ولو بقتل أحدهما الآخر أو ) قتل أحدهما ( نفسه ) لبلوغ النكاح نهايته فقام ذلك مقام الاستيفاء في تقرير المهر ; ولأنه أوجب العدة فأوجب كمال المهر لها كالدخول ( أو ) كان ( موته ) أي : الزوج ( بعد طلاق ) امرأته ( في مرض موته ) المخوف ( قبل دخول ) ; لأنه يجب عليها عدة الوفاة إذن ، ومعاملة له بضد قصده كالفار بالطلاق من الإرث ، والقاتل ( ما لم تتزوج ) قبل موته ( أو ترتد ) عن الإسلام ; لأنها لا ترثه إذن ( ، و ) يقرر المهر كاملا ( وطؤها ) أي : وطء الزوج زوجته ( حية في فرج ولو دبرا ) أو بلا خلوة ; لأنه استوفى المقصود فاستقر عليه عوضه فإن وطئها ميتة فقد تقرر بالموت أو دون فرج فيأتي أن اللمس بشهوة يقرره .

                                                                          ( و ) يقرر المهر كاملا ( خلوة ) زوج ( بها ) وإن لم يطأها روي عن الخلفاء الراشدين المهديين وزيد ، وابن عمر ، وروى أحمد ، والأثرم عن زرارة بن أبي أوفى قال " قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد أوجب المهر ، ووجبت العدة " ، ورواه أيضا عن الأحنف عن ابن عمر ، وعلي وهذه قضايا اشتهرت ولم يخالفهم أحد في عصرهم فكان كالإجماع ; ولأن التسليم المستحق قد وجد من جهتها فيستقر به البدل كما لو وطئها ، وأما قوله تعالى : { من قبل أن تمسوهن } فيحتمل أنه كنى بالمسبب الذي هو الخلوة عن السبب بدليل ما سبق .

                                                                          وأما قوله : { وقد أفضى بعضكم إلى بعض } فعن الفراء أنه قال : الإفضاء الخلوة دخل بها أو لم يدخل ; لأن الإفضاء مأخوذ من الفضاء وهو الخالي فكأنه قال وقد خلا بعضكم إلى [ ص: 22 ] بعض ( عن مميز ، وبالغ مطلقا ) أي : مسلما كان أو كافرا ذكرا أو أنثى أعمى أو بصيرا عاقلا أو مجنونا ( مع علمه ) بالزوجة ( ولم تمنعه ) الزوجة من وطئها فإن منعته لم يتقرر المهر لعدم التمكين التام ( إن كان ) الزوج ( يطأ مثله ) كابن عشر فأكثر .

                                                                          ( و ) كانت الزوجة ( يوطأ مثلها ) كبنت تسع فأكثر فإن كان أحدهما دون ذلك لم يتقرر المهر ( ولم تقبل دعواه ) أي : الزوج ( عدم علمه بها ) أي : الزوجة لنحو نوم ( ولو ) كان ( نائما أو به ) أي : الزوج ( عمى ) نصا ; لأن العادة عدم خفاء ذلك ( أو ) كان ( بهما ) أي : الزوجين مانع ( أو ) كان ب ( أحدهما مانع حسي كجب ) بأن كان الزوج مقطوع الذكر ( ورتق ) بأن كانت الزوجة رتقاء أي : مسدودة الفرج ( أو ) كان بهما أو أحدهما مانع ( شرعي كحيض ، وإحرام ، وصوم واجب ) فإذا خلا بها ولو في حال من هذه تقرر الصداق بالشروط السابقة ; لأن الخلوة نفسها مقررة له للمهر لعموم ما سبق ولوجود التسليم من المرأة وهو التمكين التام ، والمنع من جهة أخرى ليس من فعلها فلا يؤثر في التمكين كما لا يؤثر في إسقاط النفقة .

                                                                          ( و ) يقرر المهر كاملا ( لمس ) الزوج الزوجة بشهوة ( ونظر إلى فرجها بشهوة ) ولو بلا خلوة فيهما نصا ، لقوله تعالى : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } الآية ، وحقيقة اللمس التقاء البشرتين .

                                                                          ( و ) يقرره كاملا ( تقبيلها بحضرة الناس ) ; لأنه نوع استمتاع أشبه الوطء .

                                                                          و ( لا ) يتقرر المهر كاملا ( إن تحملت بمائه ) أي : مني الزوج بلا خلوة بها ; لأنه لا استمتاع منه بها ( ويثبت به ) أي : بتحمل المرأة ماء رجل ( نسب ) ولد حملت به منه .

                                                                          ( و ) يثبت به ( عدة ) فعليها أن تعتد منه لاحتمال الحمل .

                                                                          ( و ) يثبت به ( مصاهرة ) ذكره في الرعاية فتحرم على أبيه ، وابنه كموطوءتهما ، وتقدم ما فيه في باب المحرمات في النكاح ( ولو ) كان المني ( من أجنبي ) غير زوجها ، و ( لا ) يتثبت به ( رجعة ) فلو تحملت رجعية بمني مطلقها لم يكن رجعية وإذا تحملت بماء أجنبي فلا مهر لها عليه ( ولو اتفقا ) أي : الزوج ، والزوجة المخلو بها ( على أنه لم يطأها في الخلوة لم يسقط المهر ولا ) وجوب ( العدة ) نصا لعموم ما تقدم عن الصحابة ( ولا تثبت ) بخلوة ( أحكام الوطء من إحصان ) فلا يصيران محصنين بالخلوة بما يأتي في باب الزنا ، وحلها ( لمطلقها ثلاثا ) فلا تحل بالخلوة بل بالوطء لحديث " { حتى تذوقي عسيلته ، ويذوق عسيلتك } ) [ ص: 23 ] ( ونحوهما ) كتحريم المصاهرة وحصول الرجعة لما تقدم ، ويأتي .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية