الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قوا ) في حديث سرية عبد الله بن جحش : " قال له المسلمون : إنا قد أقوينا فأعطنا من الغنيمة " أي : نفدت أزوادنا ، وهو أن يبقى مزوده قواء ؛ أي : خاليا .

                                                          ومنه حديث الخدري ، في سرية بني فزارة : " إني أقويت منذ ثلاث فخفت أن يحطمني الجوع "

                                                          ومنه حديث الدعاء : " وإن معادن إحسانك لا تقوى " أي : لا تخلو من الجوهر ، يريد به العطاء والإفضال .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عائشة : " وبي رخص لكم في صعيد الأقواء " الأقواء : جمع قواء وهو القفر الخالي من الأرض ، تريد أنها كانت سبب رخصة التيمم لما ضاع عقدها في السفر ، وطلبوه فأصبحوا وليس معهم ماء ، فنزلت آية التيمم ، والصعيد : التراب .

                                                          وفيه : أنه قال في غزوة تبوك : لا يخرجن معنا إلا رجل مقو أي : ذو دابة قوية ، وقد أقوى يقوي فهو مقو .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث الأسود بن يزيد في قوله تعالى : وإنا لجميع حاذرون قال : مقوون [ ص: 128 ] مؤدون ؛ أي : أصحاب دواب قوية ، كاملو أدوات الحرب .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن سيرين : " لم يكن يرى بأسا بالشركاء يتقاوون المتاع بينهم فيمن يزيد " التقاوي بين الشركاء : أن يشتروا سلعة رخيصة ثم يتزايدوا بينهم حتى يبلغوا غاية ثمنها ، يقال : بيني وبين فلان ثوب فتقاويناه ؛ أي : أعطيته به ثمنا فأخذته ، وأعطاني به ثمنا فأخذه ، واقتويت منه الغلام الذي كان بيننا ؛ أي : اشتريت حصته ، وإذا كانت السلعة بين رجلين فقوماها بثمن فهما في المقاواة سواء ، فإذا اشتراها أحدهما فهو المقتوي دون صاحبه ، ولا يكون الاقتواء في السلعة إلا بين الشركاء .

                                                          قيل : أصله من القوة ؛ لأنه بلوغ بالسلعة أقوى ثمنها .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث مسروق : " أنه أوصى في جارية له أن قولوا لبني : لا تقتووها بينكم ، ولكن بيعوها ، إني لم أغشها ، ولكني جلست منها مجلسا ما أحب أن يجلس ولد لي ذلك المجلس " .

                                                          ( س ) وفي حديث عطاء : " سأل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن امرأة كان زوجها مملوكا فاشترته ، فقال : إن اقتوته فرق بينهما ، وإن أعتقته فهما على نكاحهما " ؛ أي : إن استخدمته ، من القتو : الخدمة ، وقد تقدم في القاف والتاء .

                                                          قال الزمخشري : " وهو افعل ، من القتو : الخدمة ، كارعوى من الرعو ، إلا أن فيه نظرا ؛ لأن افعل لم يجئ متعديا ، قال : والذي سمعته : اقتوى إذا صار خادما .

                                                          قال : " ويجوز أن يكون معناه : افتعل من الاقتواء ، بمعنى الاستخلاص ، فكني به عن الاستخدام ؛ لأن من اقتوى عبدا لا بد أن يستخدمه " .

                                                          [ ص: 129 ] والمشهور عن أئمة الفقه أن المرأة إذا اشترت زوجها حرمت عليه من غير اشتراط الخدمة . ولعل هذا شيء اختص به عبيد الله .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية