الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وعلى الغاصب رد العين المغصوبة ) معناه ما دام قائما لقوله عليه الصلاة والسلام { : على اليد ما أخذت حتى ترد }. وقال عليه الصلاة والسلام { : لا يحل لأحد أن يأخذ متاع أخيه لاعبا ولا جادا فإن أخذه فليرده عليه }; ولأن اليد حق مقصود وقد فوتها عليه فيجب إعادتها بالرد إليه وهو الموجب الأصلي على ما قالوا ، ورد القيمة مخلص خلفا ; لأنه قاصر ، إذ الكمال في رد العين والمالية ، وقيل الموجب الأصلي القيمة ، ورد العين مخلص ويظهر ذلك في بعض الأحكام . [ ص: 399 ]

                                                                                                        قال : ( والواجب الرد في المكان الذي غصبه ) لتفاوت القيم بتفاوت الأماكن ( فإن ادعى هلاكها حبسه الحاكم حتى يعلم أنها لو كانت باقية لأظهرها ثم قضى عليه ببدلها ) ; لأن الواجب رد العين والهلاك بعارض ، فهو يدعي أمرا عارضا خلاف الظاهر ، فلا يقبل قوله ، كما إذا ادعى الإفلاس وعليه ثمن متاع ، فيحبس إلى أن يعلم ما يدعيه ، فإذا علم الهلاك سقط عنه رده فيلزمه رد بدله وهو القيمة .

                                                                                                        [ ص: 398 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 398 ] الحديث الأول :

                                                                                                        قال عليه السلام : { على اليد ما أخذت حتى ترد }قلت : أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة ; قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { على اليد ما أخذت حتى تؤدي ، ثم نسي الحسن ، فقال : هو أمينك لا ضمان عليه } ، انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي حديث حسن ، أخرجه أبو داود ، والترمذي في " البيوع " ، والنسائي في " العارية " ، وابن ماجه في " الأحكام " ، وليس في حديثه قصة الحسن ، ورواه أحمد في " مسنده " ، والطبراني في " معجمه " ، والحاكم في " المستدرك في البيوع " ، وقال : حديث صحيح على شرط البخاري انتهى .

                                                                                                        وتعقبه الشيخ تقي الدين في " الإمام " فقال : وليس كما قال ، بل هو على شرط الترمذي انتهى . قال المنذري : وقول الترمذي فيه : حديث حسن ، يدل على أنه يثبت سماع الحسن عن سمرة انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه في البيوع " ، وقال فيه : حتى تؤديه بالهاء قال ابن القطان في " كتابه " : وهو بزيادة الهاء موجب لرد العين ما كانت قائمة ، انتهى .

                                                                                                        وقال ابن طاهر ، في كلامه على أحاديث الشهاب : إسناده حسن متصل ، وإنما لم يخرجاه في " الصحيح " لما ذكر من أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة ، انتهى .

                                                                                                        الحديث الثاني : قال عليه السلام : { لا يحل لأحد أن يأخذ مال أخيه ، لاعبا ، ولا جادا ، فإن أخذه فليرده عليه }; قلت : روي من حديث يزيد بن السائب ; ومن حديث ابن عمر . [ ص: 399 ] فحديث يزيد :

                                                                                                        أخرجه أبو داود في " كتاب الأدب في باب المزاح " ، والترمذي في " أول الفتن " عن ابن أبي ذئب عن عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده يزيد بن السائب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ، ولا لاعبا ، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه ، فليردها عليه }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ذئب ، والسائب بن يزيد له صحبة ، سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام ، وقبض عليه السلام ، والسائب ابن سبع سنين ، وأبوه يزيد بن السائب هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ; وروى عنه أحاديث انتهى . ورواه أحمد ، وابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه ، وسمى ابن راهويه في " مسنده " ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن ، وأبو داود الطيالسي في " مسانيدهم " ، والبخاري في " كتابه [ ص: 400 ] الأدب المفرد " ، والحاكم في " المستدرك في الفضائل " ، وسكت عنه ، قال الحاكم : وابنه السائب بن يزيد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه ، ثم أسند إلى السائب بن يزيد ، قال : حج أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، وأنا ابن سبع سنين ، قال ابن نمير : وفيها مات ، وهي سنة إحدى وتسعين انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية