الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا [20]

                                                                                                                                                                                                                                        هذه القراءة مروية عن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وهي قراءة نافع وأبي عمرو وعاصم وابن أبي إسحاق وحمزة والكسائي . وقرأ يزيد بن القعقاع ( أاذهبتم) وهذه القراءة مروية عن الحسن والقراءتان عند الفراء بمعنى واحد . قال الفراء : العرب تستفهم في التوبيخ ولا نستفهم ، فيقولون : ذهبت ففعلت وفعلت ، ويقولون : أذهبت ففعلت وفعلت ، وكل [ ص: 167 ] صواب . قال أبو جعفر : فأما ما روي عن محمد بن يزيد فتحقيق هذا ، وهو أن الصواب عنده ترك الاستفهام فيقرأ "أذهبتم" وفيه معنى التقريع ، وإن كان خبرا . والمعنى عنده أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا فذوقوا العذاب . والاستفهام إذا قرأ "أذهبتم" فهو على التوبيخ والتقرير ، وإنما اختار أذهبتم بغير استفهام لأن الاستفهام إذا كان فيه معنى التقرير صار نفيا إذا كان موجبا ، كما قال جل وعز ( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه ) وإن كان نفيا صار موجبا؛ لأن نفي النفي إيجاب كما قال :


                                                                                                                                                                                                                                        ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح



                                                                                                                                                                                                                                        إلا أنه من قرأ "أذهبتم" فليس يحمل معناه عنده على هذا ، ولكن تقديره أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا وتطلبون النجاة في الآخرة ( فاليوم تجزون عذاب الهون ) العامل في اليوم تجزون ينوى به التأخير ( بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) أي استكباركم وفسقكم وإذا كانت "ما" هكذا مصدرا لم تحتج إلى عائد .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية