الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ( 24 ) ) .

قوله تعالى : ( من تحتها ) : يقرأ بفتح الميم ، وهو فاعل نادى ، والمراد به عيسى صلى الله عليه وسلم ; أي من تحت ذيلها . وقيل : المراد من دونها . وقيل : المراد به جبريل عليه السلام ، وهو تحتها في المكان ، كما تقول : داري دارك . ويقرأ بكسر الميم ، والفاعل مضمر في الفعل ، وهو عيسى ، أو جبريل صلوات الله عليهما ، والجار على هذا حال أو ظرف .

و ( أن لا ) : مصدرية ، أو بمعنى أي .

قال تعالى : ( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ( 25 ) ) .

قوله تعالى : ( بجذع النخلة ) : الباء زائدة ; أي أميلي إليك . وقيل : هي محمولة على المعنى ، والتقدير : هزي الثمرة بالجذع ; أي انفضي . وقيل : التقدير : وهزي إليك رطبا جنيا كائنا بجذع النخلة ; فالباء على هذا حال .

( تساقط ) : يقرأ على تسعة أوجه ; بالتاء والتشديد ، والأصل تتساقط ، وهو أحد الأوجه .

والثالث بالياء والتشديد ، والأصل يتساقط ، فأدغمت التاء في السين .

والرابع بالتاء والتخفيف على حذف الثانية ، والفاعل - على هذه الأوجه - النخلة . وقيل : الثمرة ، لدلالة الكلام عليهما .

[ ص: 169 ] والخامس بالتاء والتخفيف وضم القاف .

والسادس كذلك إلا أنه بالياء ، والفاعل الجذع أو الثمر .

والسابع " تساقط " بتاء مضمومة وبالألف وكسر القاف .

والثامن كذلك إلا أنه بالياء .

والتاسع " تسقط " بتاء مضمومة وكسر القاف من غير ألف ، وأظن أنه يقرأ كذلك بالياء .

و ( رطبا ) : فيه أربعة أوجه : أحدها : هو حال موطئة ، وصاحب الحال الضمير في الفعل . والثاني : هو مفعول به لتساقط . والثالث : هو مفعول هزي . والرابع : هو تمييز . وتفصيل هذه الأوجه يتبين بالنظر في القراءات ، فيحمل كل منها على ما يليق به .

و ( جنيا ) : بمعنى مجني . وقيل : هو بمعنى فاعل ; أي طريا .

قال تعالى : ( فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ( 26 ) ) .

قوله تعالى : ( وقري ) : يقرأ بفتح القاف ، والماضي منه : قررت يا عين - بكسر الراء ، والكسر قراءة شاذة ، وهي لغة شاذة ، والماضي قررت يا عين ، بفتح الراء .

و ( عينا ) : تمييز .

و ( ترين ) : أصله ترأيين مثل ترغبين ; فالهمزة عين الفعل ، والياء لامه ، وهو مبني هنا من أجل نون التوكيد مثل لتضربن ، فألقيت حركة الهمزة على الراء ، وحذفت اللام للبناء كما تحذف في الجزم ، وبقيت ياء الضمير ، وحركت لسكونها وسكون النون بعدها ، فوزنه : تفين ، وهمزة هذا الفعل تحذف في المضارع أبدا .

ويقرأ ترين - بإسكان الياء وتخفيف النون - على أنه لم يجزم بإما ، وهو بعيد .

و ( من البشر ) : حال من " أحدا " ، أو مفعول به .

التالي السابق


الخدمات العلمية