الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ) .

                                                                                                                                                                                                                                            وفي الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 124 ] المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما توعد من قبل من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ) أتبعه بما يؤكد الزجر وهو قوله تعالى : ( وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ) في الهلاك والعذاب ، وإنما يقع فيه التقديم والتأخير فالذين تقدموا كان وقت هلاكهم في الكتاب معجلا ، والذين تأخروا كان وقت هلاكهم في الكتاب مؤخرا وذلك نهاية في الزجر والتحذير .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قال قوم : المراد بهذا الهلاك عذاب الاستئصال الذي كان الله ينزله بالمكذبين المعاندين كما بينه في قوم نوح وقوم هود وغيرهم ، وقال آخرون : المراد بهذا الهلاك الموت . قال القاضي : والأقرب ما تقدم ، لأنه في الزجر أبلغ ، فبين تعالى أن هذا الإمهال لا ينبغي أن يغتر به العاقل لأن العذاب مدخر ، فإن لكل أمة وقتا معينا في نزول العذاب لا يتقدم ولا يتأخر ، وقال قوم آخرون : المراد بهذا الهلاك مجموع الأمرين وهو نزول عذاب الاستئصال ونزول الموت ، لأن كل واحد منهما يشارك الآخر في كونه هلاكا ، فوجب حمل اللفظ على القدر المشترك الذي يدخل فيه القسمان معا .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قال الفراء : لو لم تكن الواو مذكورة في قوله : ( ولها كتاب ) كان صوابا كما في آية أخرى وهي قوله : ( وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ) [ الشعراء : 208 ] وهو كما تقول : ما رأيت أحدا إلا وعليه ثياب وإن شئت قلت : إلا عليه ثياب .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية