الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمد بن بشار حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثنا أبي عن قتادة قال : قلت لأنس بن مالك كيف كان ) وفي نسخة كانت ( قراءة [ ص: 138 ] رسول الله ) وفي نسخة النبي ( - صلى الله عليه وسلم - قال مدا ) أي : بلفظ المصدر أي : ذات مد والمراد به تطويل النفس في حروف المد واللين ، وفي الفصول والغايات ، وفي رواية البخاري كان يمد مدا ، وفي رواية كان مدا قال التوربشتي : وفي أكثر نسخ المصابيح قراءة مداء على وزن فعلاء أي : كانت قراءته مداء ولم نقف عليه رواية ، والظاهر أنه قول على التخمين ، وفيه وهن من جهة المعنى ، وهو الإفراط في المد ، وهو مكروه كذا في الأزهار ، وقالالجزري : في التصحيح مدا مصدر أي : ذات مد ، والقول بأنها مداء على وزن فعلاء تأنيث الأمد الذي هو نعت المذكر خطاء ، والمعنى أنه كان يمكن الحروف ، ويعطيها أكمل حقها من الإشباع ولا سيما في الوقف الذي يجتمع فيه الساكنان فيجب المد لذلك ، وليس المراد المبالغة في المد بغير موجب .

وكان بعض شيوخنا يقول المراد مد الزمان يعني أنه يجود ويرتل ويشدد ويمكن ، ويتم الحركات فيكون قد مد الزمان انتهى .

وروى البخاري عن أنس كانت مدا يمد بسم الله ، ويمد بالرحمن ، ويمد بالرحيم . فهذه الرواية مبينة لمحل المد لكن لا يخفى أن المد الأصلي والذاتي والطبيعي ، ووقفا توسط أيضا فيمد قدر ألفين أو يطول قدر ثلاث لا غير ، وهو المسمى بالمد العارض ، وعلى هذا القياس ، وتفصيل أنواع المد محله كتب القراءة .

وأما ما ابتدعه قراء زماننا حتى أئمة صلاتنا أنهم يزيدون على المد الطبيعي إلى أن يصل قدر ألفان وأكثر ، وربما يقصرون المد الواجب ، فلا مد الله في عمرهم ، ولا أمد في أمرهم .

ثم ما نقله ميرك عن الشيخ في رواية البخاري عن أنس بعد قوله مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد ببسم الله ويمد بالرحمن ، ويمد بالرحيم أنه يمد بالحاء من الرحيم ، فهو ما صادف محله ; لأن الصواب أنه كان يمد الياء بعد الحاء ثم في رواية كان يمد صوته ، وفي رواية قرأ في الفجر ق والقرآن المجيد فمر بهذا الحرف " لها طلع نضيد " فمد نضيد أي : زيادة على سائر الفواصل حتى بلغ قدر ثلاث ألفات ، فكأنه اقتصر في غيره على قدر ألفين أو ألف قال العسقلاني : وهو شاهد جيد لحديث أنس ، وأصله عند مسلم والترمذي والنسائي من حديث قطبة قال ميرك : وتبعه شارح : واعلم أن المد عند القراء على ضربين : أصلي ، وهو إشباع الحروف التي بعدها ألف ، أو واو أو ياء قلت هذا خطأ ، والصواب إشباع نفس الحروف المدية لا الحروف الكائنة بعدها أو قبلها ثم قال : وغير أصلي ، وهو ما إذا أعقب الحرف الذي هذه صفته همز ، وهو متصل ومنفصل ، فالمتصل ما كان من نفس الكلمة ، والمنفصل ما كان بكلمة أخرى فالأول يؤتى فيه بالألف والواو والياء ممكنات من غير زيادة ، والثاني يزاد في تمكين الألف والواو والياء زيادة على المد الذي لا يمكن النطق بها إلا به من غير زيادة ، والمذهب الأعدل أن يمد كل حرف منها ضعفي ما كان يمده أولا ، وقد يزاد على ذلك قليلا وما زاد ، فهو غير محمود انتهى .

وهو خلاف ما اتفق عليه القراء في المد المتصل ، وكذا المنفصل عند من يمده من أقل مقاديره قدر ثلاث ألفات ، وقرئ لورش ، وحمزة قدر خمس ألفات فمسائل العلوم تؤخذ من أربابها لقوله تعالى [ ص: 139 ] وأتوا البيوت من أبوابها .

التالي السابق


الخدمات العلمية