الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الخامسة : روينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: "طبقة تعد في التابعين، ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة، منهم : إبراهيم بن سويد النخعي، وليس بإبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه، وبكير بن أبي السميط، وبكير بن عبد الله بن الأشج" وذكر غيرهم .

قال: "وطبقة عدادهم عند الناس في أتباع التابعين وقد لقوا الصحابة، منهم : أبو الزناد عبد الله بن ذكوان لقي عبد الله بن عمر وأنسا، وهشام بن عروة، وقد أدخل على عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله، وموسى بن عقبة، وقد أدرك أنس بن مالك وأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص " وفي بعض ما قاله مقال .

قلت : وقوم عدوا من التابعين وهم من الصحابة، ومن أعجب ذلك عد الحاكم أبي عبد الله: النعمان وسويدا ابني مقرن المزني في التابعين، عندما ذكر الأخوة من التابعين، وهما صحابيان معروفان مذكوران في الصحابة، والله أعلم .

[ ص: 984 ]

التالي السابق


[ ص: 984 ] 159 - قوله: (الخامسة : روينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: "طبقة تعد في التابعين، ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة، منهم : إبراهيم بن سويد النخعي، وليس بإبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه، وبكير بن [ ص: 985 ] أبي السميط، وبكير بن عبد الله بن الأشج" وذكر غيرهم ).

قال: ("وطبقة عدادهم عند الناس في أتباع التابعين، وقد لقوا الصحابة، منهم : أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، لقي عبد الله بن عمر وأنسا) إلى آخر كلامه، ثم قال: [ ص: 986 ] "وفي بعض ما قاله مقال" انتهى.

لم يبين المصنف الموضع الذي على الحاكم فيه مقال، وذلك في موضعين:

أحدهما: أن بكير بن عبد الله بن الأشج قد عده في التابعين عبد الغني بن سعيد، كما سيأتي في النوع الآتي بعد هذا، وقد روى عن جماعة من الصحابة، منهم: ربيعة بن عباد، والسائب بن يزيد، وروايته عن ربيعة بن عباد في (المعجم الكبير) للطبراني بإسناد جيد إليه، أنه حدث عن ربيعة بن عباد قال: "رأيت أبا لهب بعكاظ وهو يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث، لكن لم أر في شيء من [ ص: 987 ] حديثه التصريح بسماعه من أحد من الصحابة. إلا أن النسائي روى في سننه بإسناد على شرط مسلم أن بكير بن عبد الله قال: "سمعت محمود بن لبيد يقول: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات" الحديث.

ومحمود بن لبيد عده غير واحد في الصحابة، منهم أحمد في مسنده. وقال البخاري: "إن له صحبة" وكذا قال ابن حبان في الصحابة، وله في "مسند أحمد" بإسناد صحيح قال: "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا المغرب في مسجدنا" الحديث، وفي [ ص: 988 ] المسند أيضا بإسناد صحيح أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقل مجة مجها النبي صلى الله عليه وسلم من دلو كان في دارهم، والمعروف أن هذه القصة لمحمود بن الربيع، كما هو في (صحيح البخاري) وقد عد مسلم محمود بن لبيد في (الطبقات) من التابعين.

وقال أبو حاتم الرازي: "لا يعرف له صحبة" وقال المزي في (الأطراف): "إنه لا يصح له صحبة ولا رواية" وهو معارض بما ذكرناه من (المسند) والله أعلم.

والموضع الثاني: أن أبا الزناد لم يدرك ابن عمر، كما قاله أبو حاتم الرازي، والحاكم تبع فيما ذكره خليفة بن خياط؛ فإنه قال: "طبقة عدادهم عند الناس في أتباع التابعين، وقد لقوا الصحابة، منهم أبو الزناد قد لقي عبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وأبا أمامة بن سهل بن حنيف" انتهى.

وقول أبي حاتم الرازي: "لم يدرك ابن عمر" أي: لم يدرك السماع منه؛ فإن أبا الزناد عاش ستا وستين سنة، فقيل: توفي في سنة ثلاثين ومائة، [ ص: 989 ] وقيل: سنة اثنتين وثلاثين، ومات ابن عمر سنة أربع وسبعين، أو سنة ثلاث وسبعين، فعلى هذا أدرك من حياة ابن عمر سبع سنين، أو ثمانيا أو تسعا، على اختلاف الأقوال. والله أعلم.




الخدمات العلمية