الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      وقال أبو إسحاق السبيعي : كنا نأتي ابن أبي ليلى ، وكانوا يجتمعون [ ص: 212 ] إليه ، فجاءه أبو سلمة بن عبد الرحمن ، فقال : أعمر كان أفضل عندكم أم ابنه ؟ قالوا : بل عمر ، فقال : إن عمر كان في زمان له فيه نظراء ، وإن ابن عمر بقي في زمان ليس له فيه نظير .

                                                                                      وقال ابن المسيب : لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لابن عمر .

                                                                                      رواه ثقتان عنه .

                                                                                      وقال قتادة : سمعت ابن المسيب يقول : كان ابن عمر يوم مات خير من بقي .

                                                                                      وعن طاوس : ما رأيت أورع من ابن عمر .

                                                                                      وكذا يروى عن ميمون بن مهران .

                                                                                      وروى جويرية ، عن نافع : ربما لبس ابن عمر المطرف الخز ثمنه خمسمائة درهم .

                                                                                      وبإسناد وسط ، عن ابن الحنفية : كان ابن عمر خير هذه الأمة .

                                                                                      قال عمرو بن دينار : قال ابن عمر : ما غرست غرسا منذ توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      قال موسى بن دهقان : رأيت ابن عمر يتزر إلى أنصاف ساقيه .

                                                                                      العمري : عن نافع : أن ابن عمر اعتم وأرخاها بين كتفيه .

                                                                                      وكيع : عن النضر أبي لؤلؤة ، قال : رأيت على ابن عمر عمامة سوداء .

                                                                                      [ ص: 213 ] وقال ابن سيرين : كان نقش خاتم ابن عمر " عبد الله بن عمر " .

                                                                                      وقال أبو جعفر الباقر : كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا لا يزيد ولا ينقص ، ولم يكن أحد في ذلك مثله .

                                                                                      أبو المليح الرقي : عن ميمون ; قال ابن عمر : كففت يدي ، فلم أندم ، والمقاتل على الحق أفضل .

                                                                                      قال : ولقد دخلت على ابن عمر ، فقومت كل شيء في بيته من أثاث ما يسوى مائة درهم .

                                                                                      ابن وهب : عن مالك ، عمن حدثه ، أن ابن عمر كان يتبع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآثاره وحاله ويهتم به ، حتى كان قد خيف على عقله من اهتمامه بذلك .

                                                                                      خارجة بن مصعب : عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، قال : لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقلت : هذا مجنون .

                                                                                      عبد الله بن عمر ، عن نافع : أن ابن عمر كان يتبع آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل مكان صلى فيه ، حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل تحت شجرة فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصب في أصلها الماء لكيلا تيبس .

                                                                                      وقال نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو تركنا هذا الباب للنساء . قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات .

                                                                                      [ ص: 214 ] قال الشعبي : جالست ابن عمر سنة ، فما سمعته يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا حديثا واحدا .

                                                                                      قال مجاهد : صحبت ابن عمر إلى المدينة ، فما سمعته يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا حديثا .

                                                                                      وروى عاصم بن محمد العمري ، عن أبيه ، قال : ما سمعت ابن عمر ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بكى .

                                                                                      وقال يوسف بن ماهك : رأيت ابن عمر عند عبيد بن عمير وعبيد يقص ، فرأيت ابن عمر ، ودموعه تهراق .

                                                                                      عكرمة بن عمار : عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه : أنه تلا : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد فجعل ابن عمر يبكي حتى لثقت لحيته وجيبه من دموعه ، فأراد رجل أن يقول لأبي : أقصر ، فقد آذيت الشيخ .

                                                                                      وروى عثمان بن واقد ، عن نافع : كان ابن عمر إذا قرأ : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله بكى حتى يغلبه البكاء .

                                                                                      [ ص: 215 ] قال حبيب بن الشهيد : قيل لنافع : ما كان يصنع ابن عمر في منزله ؟ قال : لا تطيقونه : الوضوء لكل صلاة ، والمصحف فيما بينهما .

                                                                                      رواه أبو شهاب الحناط عن حبيب .

                                                                                      وروى عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع : أن ابن عمر كان إذا فاتته العشاء في جماعة ، أحيا بقية ليلته .

                                                                                      ابن المبارك : أخبرنا عمر بن محمد بن زيد ، أخبرنا أبي أن ابن عمر كان له مهراس فيه ماء ، فيصلي فيه ما قدر له ، ثم يصير إلى الفراش ، فيغفي إغفاءة الطائر ، ثم يقوم ، فيتوضأ ويصلي ، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسة .

                                                                                      قال نافع : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ، ولا يكاد يفطر في الحضر .

                                                                                      وقال ابن شهاب ، عن سالم : ما لعن ابن عمر خادما له إلا مرة ، فأعتقه .

                                                                                      روى أبو الزبير المكي ، عن عطاء مولى ابن سباع ، قال : أقرضت ابن عمر ألفي درهم ، فوفانيها بزائد مائتي درهم .

                                                                                      [ ص: 216 ] أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، أن مروان قال لابن عمر - يعني بعد موت يزيد - : هلم يدك نبايعك ، فإنك سيد العرب وابن سيدها . قال : كيف أصنع بأهل المشرق ؟ قال : نضربهم حتى يبايعوا . قال : والله ما أحب أنها دانت لي سبعين سنة ، وأنه قتل في سيفي رجل واحد .

                                                                                      قال : يقول مروان :

                                                                                      إني أرى فتنة تغلي مراجلها والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا



                                                                                      أبو ليلى : معاوية بن يزيد ، بايع له أبوه الناس ، فعاش أياما .

                                                                                      أبو حازم المديني ، عن عبد الله بن دينار ، قال : خرجت مع ابن عمر إلى مكة ، فعرسنا ، فانحدر علينا راع من جبل ، فقال له ابن عمر : أراع ؟ قال : نعم ، قال : بعني شاة من الغنم . قال : إني مملوك ، قال : قل لسيدك : أكلها الذئب . قال : فأين الله عز وجل ؟ قال ابن عمر : فأين الله ! ! ثم بكى ، ثم اشتراه بعد ، فأعتقه !

                                                                                      أسامة بن زيد : عن نافع ، عن ابن عمر نحوه .

                                                                                      وفي رواية ابن أبي رواد ، عن نافع : فأعتقه ، واشترى له الغنم .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية