الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وكذلك لو أن بصيرا وجد امرأة على فراشه فواقعها على ظن أنها امرأته وهي أجنبية فعليه الحد ، وكذلك الأعمى عندنا ، وقال زفر رحمه الله : يدرأ الحد عن الأعمى ; لأنه عدم آلة التمييز وهو البصر فبني على ظاهر الحال ، والظاهر أن لا يكون على فراشه إلا زوجته أو أمته فيصير ذلك شبهة في حقه بخلاف البصير ، ومذهبنا مروي عن عمر رضي الله عنه ، والمعنى فيه إن اعتمد مجرد الظن فإن الموجودة على فراشه قد تكون أمه أو أخته وقد تكون أجنبية وقد تكون زوجته فلا معتبر بذلك ، وهو متمكن من أن يسألها كتمكن البصير من أن يراها .

فأما إذا دعا الأعمى امرأته إلى فراشه فأتته أجنبية فواقعها ، إن كانت قالت له أنا زوجتك فلا حد عليه وإن أجابت أو أتته ساكتة [ ص: 58 ] فكذلك الجواب عند أبي يوسف وعند محمد رحمهما الله تعالى يجب عليه الحد ; لأنها إذا قالت : أنا زوجتك فقد اعتمد خبر الواحد وذلك دليل شرعي ، ألا ترى أن البصير إذا تزوج امرأة فأخبره رجل أن امرأته هذه كان له أن يعتمد خبره ويطأها ؟ فإذا تبين أنها غير امرأته كان الثابت حكم الوطء بشبهة ، فكذلك هي إذا أخبرته بذلك ، فأما إذا لم تخبره فأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول إجابتها أو إتيانها بعد ما دعا زوجته بمنزلة إخبارها أني زوجتك ومحمد رحمه الله تعالى يقول : إن أجابته إلى الفراش فهو كما لو وجدها نائمة على فراشه وكما لا يسقط الحد هناك بظنه فكذلك هنا

التالي السابق


الخدمات العلمية