الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ومن وجبت عليه جذعة أو حقة أو بنت لبون ، وليس عنده إلا ما هو أسفل منه بسنة أخذ منه مع شاتين أو عشرين درهما ، وإن وجب عليه بنت مخاض أو بنت لبون أو حقة وليس عنده إلا ما هو أعلى منه بسنة أخذ منه ، ودفع إليه المصدق شاتين أو عشرين درهما ، لما روى أنس رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب له لما وجهه إلى البحرين كتابا وفيه " ومن بلغت صدقته من الإبل الجذعة وليست عنده وعنده حقة ، فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين أو عشرين درهما ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة ، وليس عنده إلا بنت لبون ، فإنها تقبل منه بنت لبون ، ويعطي معها شاتين أو عشرين درهما ، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده ، وعنده بنت مخاض ، فإنها تقبل منه بنت مخاض ، ويعطى معها عشرين درهما أو شاتين ، ومن بلغت صدقته بنت مخاض ، وليست عنده ، وعنده بنت لبون ، فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين . فأما إذا وجبت عليه جذعة وليست عنده ، وعنده ثنية فإن أعطاها ولم يطلب جبرانا قبلت ; لأنها أعلى من الفرض بسنة ، وإن طلب الجبران فالمنصوص أنه يدفع إليه ; لأنها أعلى من الفرض بسنة ، فهي كالجذعة مع الحقة ، ومن أصحابنا من قال : لا يدفع الجبران ; لأن الجذعة تساوي الثنية في القوة والمنفعة ، فلا معنى لدفع الجبران ، وإن وجبت عليه بنت مخاض ، وليس عنده إلا فصيل ، وأراد أن يعطي ويعطى معه الجبران لم يجز ; لأن الفصيل ليس بفرض مقدر ، وإن كان معه نصاب مراض ، فأراد أن يصعد إلى فرض مريض ، ويأخذ معه الجبران لم يجز ; لأن الشاتين أو العشرين درهما جعل جبرانا لما بين الصحيحين ، فإذا كانا مريضين كان الجبران أقل من الشاتين أو العشرين الدرهم . فإن أراد أن ينزل إلى فرض دونه ويعطى معه شاتين أو عشرين درهما جاز ; لأنه متطوع بالزيادة . ومن وجبت عليه الشاتان أو العشرون درهما كان الخيار إليه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 370 ] جعل الخيار فيه إلى من يعطي في حديث أنس ، فإن اختار أن يعطي شاة وعشرة دراهم لم يجز ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم خيره بين شيئين ، فلو جوزنا أن يعطي شاة وعشرة دراهم خيرناه بين ثلاثة أشياء ، ومن وجب عليه فرض ، ووجد فوقه فرضا وأسفل منه فرضا ، فالخيار في الصعود والنزول إلى رب المال ; لأنه هو الذي يعطي ، فكان كالخيار في الشاتين والعشرين الدرهم . ومن أصحابنا من قال : الخيار إلى المصدق وهو المنصوص ; لأنه يلزمه أن يختار ما هو أنفع للمساكين ولهذا إذا اجتمع الصحاح والمراض لم يأخذ المراض ، فلو جعلنا الخيار إلى رب المال أعطى ما ليس بنافع ، ويخالف الخيار في الشاتين والعشرين الدرهم ، فإن ذلك جعل جبرانا على سبيل التخفيف ، فكان ذلك إلى من يعطى وهذا تخيير في الفرض ، فكان إلى المصدق . ومن وجب عليه فرض ولم يجد إلا ما هو أعلى منه بسنتين أخذ منه وأعطي أربع شياه أو أربعين درهما وإن لم يجد إلا ما هو أسفل منه بسنتين أخذ منه أربع شياه أو أربعون درهما ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما بين السنين بشاتين أو عشرين درهما فدل على أن كل ما زاد في السن سنة زاد في الجبران بقدرها ، فإن أراد من وجب عليه أربعون درهما أو أربع شياه أن يعطي شاتين عن أحد الجبرانين وعشرين درهما عن الجبران الآخر جاز ; لأنهما جبرانان ، فجاز أن يختار في أحدهما شيئا ، وفي الآخر غيره ككفارتي يمينين ، يجوز أن يخرج في إحداهما الطعام وفي الأخرى الكسوة ، وإن وجب عليه الفرض ، ووجد سنا أعلى منه بسنة وسنا أعلى منه بسنتين ، فترك الأقرب وانتقل إلى الأبعد ، ففيه وجهان : ( أحدهما ) : أنه يجوز ; لأنه قد عرف ما بينهما من الجبران .

                                      ( والثاني ) : لا يجوز ، وهو الصحيح ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الأقرب مقام الفرض ، ثم لو وجد الفرض لم ينتقل إلى الأقرب ، فكذلك إذا وجد الأقرب لم ينتقل إلى الأبعد ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) : قال الشافعي رضي الله عنه والأصحاب رحمهم الله تعالى : إذا وجب عليه جذعة وليست عنده جاز أن يخرج حقة مع جبران ، والجبران شاتان أو عشرون درهما ، ولو وجبت حقة ، وليست عنده ، فله إخراج بنت لبون ويأخذ الساعي جبرانا ، ولو وجبت بنت لبون وليست عنده ، فله إخراج حقة ويأخذ جبرانا ولو وجبت حقة وليست عنده ، فله إخراج جذعة ، ويأخذ جبرانا . قال أصحابنا : وصفة شاة الجبران هذه صفة الشاة المخرجة فيما دون خمس وعشرين من الإبل ، وقد سبق بيانها ، وفي اشتراط الأنوثية إذا كان المالك هو دافع الجبران الوجهان : المذكوران في تلك الشاة ( أصحهما ) : لا يشترط ، بل يجزئ الذكر ، فإن كان الدافع الشاة هو الساعي ولم يرض رب المال بالذكر ، ففيه الوجهان : ، وإن رضي به [ ص: 371 ] جاز بلا خلاف ، صرح به المتولي وغيره . قال إمام الحرمين وغيره : ولا خلاف أن الدراهم التي يخرجها هي البقرة الخالصة ، قال إمام الحرمين : وكذا الدراهم الشرعية حيث أطلقت ، فإن احتاج الإمام إلى دراهم ليدفعها في الجبران ولم يكن في بيت المال شيء باع شيئا من مال الزكاة ، وصرفه في الجبران ، هكذا صرح به الفوراني وصاحب العدة والبغوي وصاحب البيان والرافعي وآخرون .

                                      ( وأما ) : تعيين الشاتين أو الدراهم ، فالخيرة فيه لدافعه ، سواء كان الساعي أو رب المال ، هكذا نص عليه الشافعي رضي الله عنه وقطع به الجمهور ، وذكر إمام الحرمين والسرخسي وغيرهما ، فيها إذا كان الدافع هو رب المال ، طريقين : ( أصحهما ) : هذا ( والثاني ) : أن الخيرة للساعي ، والمذهب الأول لظاهر حديث أنس السابق في أول الباب ، قال أصحابنا : فإن كان الدافع هو الساعي لزمه دفع ما دفعه أصلح للمساكين ، وإن كان رب المال استحب له دفع الأصلح للمساكين ، ويجوز له دفع الآخر ( أما ) : الخيرة في الصعود والنزول إذا فقد السن الواجبة ، ووجد أعلى منها وأنزل ففيه وجهان : مشهوران ذكرهما المصنف والأصحاب ، واختلفوا في أصحهما فأشار المصنف إلى أن الأصح أن الخيرة للمالك ، وهو الذي صححه إمام الحرمين والبغوي والمتولي والرافعي وجمهور الخراسانيين ، وقطع به الجرجاني من العراقيين في كتابه التحرير وصحح أكثر العراقيين أن الخيرة للساعي ، وهو المنصوص في الأم ثم إن الأصحاب أطلقوا الوجهين كما ذكرنا إلا صاحب الحاوي فقال : إن طلب الساعي النزول والمالك الصعود ، فإن عدم الساعي الجبران ، فالخيرة له وإلا ففيه الوجهان : . قال أصحابنا : فإن خيرنا الساعي لزمه اختيار الأصلح للمساكين ، قال إمام الحرمين وغيره : الوجهان : فيما إذا أراد المالك دفع غير الأنفع للمساكين ، فإن أراد دفع الأنفع لزم الساعي قبوله بلا خلاف ; لأنه مأمور بالمصلحة ، وهذا مصلحة . قال الإمام : وإن استوى ما يريده هذا وذاك في الغبطة فالأظهر اتباع المالك . هذا كله إذا كانت الإبل سليمة ، فإن كانت معيبة أو مريضة [ ص: 372 ] فأراد أن يصعد إلى سن مريض ، ويأخذ معه الجبران لم يجز هكذا قطع به المصنف والأصحاب في طريقتي العراق وخراسان واتفقوا عليه ونقله إمام الحرمين عن الأصحاب مطلقا ، ثم قال : والذي يتجه عندي أنا إن قلنا : الخيرة للمالك في الصعود والنزول ، فالأمر على ما ذكره الأصحاب .

                                      وإن قلنا : الخيرة للساعي فرآه غبطة للمساكين فالوجه القطع بجوازه ، قال : وهذا واضح ، وهو مراد الأصحاب قطعا ، وإن قلنا الخيرة للمساكين لم يجز ; لأنه إنما يستحق الجبران المسمى بدلا عما بين السنين السليمتين ومعلوم أن الذي بين المعيبين دون ذلك ، وهذه الصورة مستثناة من إطلاق الوجهين فيمن له الخيرة ، ولو أراد النزول وهي معيبة ، ويبذل الجبران قبل منه ; لأنه متبرع بزيادة هكذا ذكره المصنف والأصحاب واتفقوا عليه . قال أصحابنا : وإنما يجيء الصعود والنزول إذا عدم السن الواجبة أو وجدها وهي معيبة أو نفيسة ، فأما إن وجدها وهي سليمة معتدلة ، وأراد النزول أو الصعود مع جبران ، فليس له ذلك بلا خلاف ، ولا يجوز ذلك للساعي أيضا بلا خلاف ، فإن وجدها وهي معيبة ، فكالمعدومة وإن وجدها وهي نفيسة بأن تكون حاملا أو ذات لبن أو أكرم إبله لم يلزمه إخراجها ، ولا يجوز للساعي أخذها بغير رضاء المالك ، فإن لم يسمح بها المالك ، فهي كالمعدومة ، وينتقل إلى سن أعلى أو أسفل بلا خلاف صرح به الماوردي والبغوي وغيرهما ولم يذكروا فيه الوجه السابق فيما إذا لزمه بنت مخاض وإبله مهزولة ، ولم يجد بنت مخاض إلا نفيسة ، أنها لا تكون كالمعدومة . قال أصحابنا : وحيث قلنا : ينزل ، فنزل ودفع الجبران ، أجزأه ، سواء كان السن الذي نزل إليه مع الجبران يبلغ قيمة السن الذي نزل عنه أم لا ، ولا نظر إلى التفاوت ; لأن هذا جائز بالنص .



                                      وأما إذا وجب عليه جذعة ، وليست عنده وعنده ثنية ، فإن دفعها ، ولم يطلب جبرانا قبلت منه ، وقد زاد خيرا ، وإن طلب جبرانا فوجهان : ( أحدهما ) : تجزئه ; لأنها أعلى منه بسنة ، فهي كالجذعة مع الحقة ( والثاني ) : لا ; لأن الجبران على خلاف الدليل ، ولا تتجاوز به أسنان الزكاة التي ورد فيها الحديث ولأن الجذعة تساوي الثنية في القوة والمنفعة فلا يحتمل معها [ ص: 373 ] الجبران . ونقل المصنف والأصحاب عن نص الشافعي رضي الله عنه الإجزاء ، وهو الأصح عند جمهور الأصحاب . وصحح الغزالي والمتولي والبغوي المنع : والمذهب الأول .



                                      أما إذا لزمه بنت مخاض ، وليست عنده ، وليس عنده إلا فصيل أنثى له دون سنة فلا يجزئه مع الجبران بلا خلاف ; لأنه ليس مما يجزئ في الزكاة ، قال أصحابنا : ويجوز الصعود والنزول بدرجتين وبثلاث ، ويكون مع الدرجتين جبران ، ومع الثلاث ثلاث .

                                      ( مثال ذلك ) : وجبت بنت مخاض ، ففقدها وفقد بنت لبون وحقة ، ووجد جذعة دفعها وأخذ جبرانات ، وإن وجد حقة دفعها وأخذ جبرانين ، إن وجبت جذعة ، ففقدها وفقد الحقة وبنت اللبون دفع بنت مخاض مع ثلاث جبرانات ، فإن وجد بنت لبون دفعها مع جبرانين ، وهل يجوز الصعود والنزول بدرجتين مع التمكن من درجة ؟ أو ثلاث مع التمكن من درجتين ؟ فيهما وجهان : الصحيح عند الأصحاب في الطريقتين لا يجوز وبه قطع الفوراني وصاحب العدة والبغوي وآخرون وصححه الباقون .

                                      ( مثاله ) : وجبت بنت لبون ، ففقدها ، ووجد حقة وجذعة ، فإن أخرج الحقة وطلب جبرانا فيهما جاز ، وإن أخرج الجذعة ورضي بجبران واحد جاز وقد زاد خيرا ، وإن طلب جبرانين فوجهان : ( الصحيح ) : لا يجوز ; لأنه متمكن من تقليل الجبران ومستغن عن الجبران الثاني ، فلا يجوز كما لو وجد الأصل . ولو وجبت حقة ، ففقدها ووجد بنت لبون وبنت مخاض ، فأراد النزول إلى بنت مخاض ، ودفع جبرانين ففيه الوجهان : ( الصحيح ) : لا يجوز ، ولو لزمه بنت لبون ، ففقدها وفقد الحقة ووجد جذعة وبنت مخاض فإن أخرج بنت مخاض مع جبران أجزأه ، وإن أراد إخراج الجذعة مع جبرانين فوجهان : ( أصحهما ) : الجواز ، وبه قطعالصيدلاني ; لأن بنت المخاض ، وإن كانت أقرب لكنها ليست في الجهة المعدول عنها بخلاف ما لو وجد حقة وجذعة ، فصعد إلى الجذعة ، وهذا الذي ذكرناه من ثبوت الجبرانين والثلاثة هو نص الشافعي رضي الله عنه وجميع أصحابنا في كل الطرق . [ ص: 374 ] إلا ابن المنذر ، فإنه نقل عن الشافعي رضي الله عنه هذا ثم اختار لنفسه أنه لا يجوز زيادة على جبران واحد ، كما ثبت في الحديث ، والصواب الأول .



                                      ( أما ) : إذا لزمه حقة فأخرج بنتي لبون بلا جبران . أو لزمه جذعة ، فأخرج بنتي لبون أو حقتين بلا جبران فوجهان : حكاهما القاضي حسين والمتولي وصاحب المستظهري وغيرهم ( أصحهما ) : يجزئه ; لأنهما يجزيان عما فوق إبله ، فعنها أولى ( والثاني ) : لا ; لأن في الواجب معنى ليس هو في المخرج .



                                      ( أما ) : إذا لزمه بنت لبون فأخرج ابن لبون ; ليقوم مقام بنت مخاض ويعطى معه جبرانا فوجهان : حكاهما صاحب الحاوي وغيره ( أحدهما ) : يجوز ; لأن ابن اللبون في حكم بنت المخاض عند عدمها ، فصار كمعطي بنت مخاض مع جبران ( والثاني ) : لا يجوز ; لأن ابن اللبون أقيم مقام بنت مخاض إذا كانت هي الفرض وليست هي هنا الفرض أما إذا كان معه إحدى وستون بنت مخاض ، فأخرج منها بنت مخاض فالمذهب أنها لا تجزئه إلا مع ثلاث جبرانات ، وبهذا قطع جمهور الأصحاب ، وذكر صاحب الحاوي وجهين : ( أحدهما ) : هذا ( والثاني ) : تكفيه وحدها ، ولا يلزمه زيادة عليها ، ولا جبران لئلا يجحف به والله تعالى أعلم .



                                      ( فرع ) : اتفق الأصحاب على أنه لا يجوز لرب المال إذا توجه عليه جبران أن يبعضه ، فيدفع شاة وعشرة دراهم ، وإن كان دافع الجبران هو الساعي ، فإن لم يرض رب المال بالتبعيض لم يجبر عليه ، وإن رضي به جاز تبعيضه ، هكذا صرح به إمام الحرمين والمتولي والبغوي وآخرون ، ولا خلاف فيه ; لأن الحق في الامتناع من التبعيض لرب المال ، فإذا رضي به جاز ، كما لو قنع بشاة أو عشرة دراهم . وأما ما قاله صاحب الحاوي والمحاملي والشيخ أبو محمد الجويني وآخرون : لو أراد رب المال أو الساعي دفع شاة وعشرة دراهم لم يجز " فمرادهم " إذا لم يرض رب المال بأخذ المبعض ، ولو توجه جبرانان على المالك أو الساعي جاز أن يخرج عن أحدهما عشرين درهما ، وعن الآخر شاتين ، ويجبر الآخر على قبوله ، وكذا لو توجه ثلاثة جبرانات فأخرج عن أحدهما شاتين وعن الآخر أربعين درهما أو عكسه جاز بلا خلاف ; لأن كل جبران مستقل بنفسه ، فلم يتبعض واجب [ ص: 375 ] واحد بخلاف الجبران الواحد ، وشبهه الأصحاب بكفارة اليمين ، لا يجوز تبعيض كفارة واحدة ، فيطعم خمسة ويكسو خمسة ، ولو وجب كفارتان ، جاز أن يطعم عشرة ويكسو عشرة .



                                      ( فرع ) : قال أصحابنا : لا مدخل للجبران في زكاة البقر والغنم ; ; لأنه ثبت في الإبل على خلاف القياس ، فلا يتجاوزه .

                                      ( فرع ) : قال الإمام أبو سليمان الخطابي : يشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل الشاتين أو عشرين درهما تقديرا في جبران الزيادة والنقصان ، ولم يكل الأمر في ذلك إلى اجتهاد الساعي وغيره ; لأن الساعي إنما يأخذ منهم الزكاة عند المياه غالبا ، وليس هناك حاكم ولا مقوم يفصل بينهما إذا اختلفا فضبطت بقيمة شرعية كالصاع في المصراة أو الغرة في الجنين ، ومائة من الإبل في قتل النفس قطعا للتنازع .

                                      ( فرع ) : في ألفاظ الكتاب حديث أنس في كتاب الصدقة سبق بيانه في أول الباب ، قوله : " ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة " لفظ " صدقة " مرفوع غير منون ، بل مضاف إلى الجذعة " والجذعة " مجرور بالإضافة . وكذا قوله بعده صدقة الحقة . وأما المصدق المذكور في الفصل ، فهو الساعي ، وهو بتخفيف الصاد . وأما المالك ، فالمشهور فيه المصدق بتشديد الصاد وكسر الدال على المشهور ، وقيل : يقال بتخفيف الصاد ، وقال الخطابي : هو بفتح الدال .



                                      ( فرع ) : في مذاهب العلماء فيمن وجب عليه سن وفقدها قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يخرج أعلى منها بسنة ، ويأخذ جبرانا أو أسفل بسنة ويدفع جبرانا ، وهو شاتان أو عشرون درهما . وبه قال إبراهيم النخعي وأحمد وأبو ثور وداود وإسحاق بن راهويه في رواية عنه . وحكى ابن المنذر عن علي والثوري وأبي عبيد وإسحاق في رواية عنه أن الجبران شاتان أو عشرة دراهم . وعن مكحول والأوزاعي أنه يجب قيمة السن الواجب . وعن مالك أنه يلزم رب المال شراء ذلك السن . وعن حماد بن أبي سليمان : [ ص: 376 ] الساعي يأخذ السن الموجود عنده ، ويجب ما بين قيمتهما . احتج أصحابنا بحديث أنس السابق في أول الباب . واحتج لعلي رضي الله عنه وموافقيه بحديث ضعيف ، والله تعالى أعلم .




                                      الخدمات العلمية