الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  763 184 - ( حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ; فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  ورجال هذا الإسناد بعينه قد مروا في باب جهر الإمام بآمين غير أن هناك عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، وهنا عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك . وأبو صالح هو ذكوان السمان . ومباحثه قد تقدمت هناك .

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم : استدل بقوله : " إذا قال الإمام " على أن الإمام لا يقول : ربنا لك الحمد ، وعلى أن المأموم لا يقول : سمع الله لمن حمده ; لكون ذلك لم يذكر في هذه الرواية ، كذا حكاه الطحاوي ، وهو قول مالك وأبي حنيفة ، وفيه نظر ; لأنه ليس فيه ما يدل على النفي . قلت : لا نسلم ذلك ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - قسم التسميع والتحميد فجعل التسميع للإمام والتحميد للمأموم فالقسمة تنافي الشركة . ( فإن قلت ) : روى البخاري رضي الله تعالى عنه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه " كان يكبر في كل صلاة " الحديث ، وفيه : ثم يكبر حين يركع ، ثم يقول : " سمع الله لمن حمده " ، ثم يقول : " ربنا ولك الحمد " الحديث . قلت : هذا كان قنوتا ، وقد فعله ، ثم تركه ، وإنما قلنا : إنه كان قنوتا ; لأن فيه " اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين " إلى آخره . ( فإن قلت ) : روى البخاري أيضا من حديث أبي هريرة قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال : سمع الله لمن حمده قال : اللهم ربنا ولك الحمد " الحديث ، فهذا صريح في أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بينهما لا لعلة قنوت ، ولا لغيره . قلت : يمكن أن يكون هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو منفرد ، فافهم . وقال الكرماني : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالهما جميعا والمأموم مأمور بمتابعته لقوله " صلوا [ ص: 72 ] كما رأيتموني أصلي " . قلت : قوله : " قالهما جميعا " يحتمل أن يكون ذلك وهو منفرد ، كما ذكرنا ، وأبو حنيفة أيضا حمله على حالة الانفراد والحديث حجة عليهم ; لأنهم يقولون : المأموم مأمور بمتابعة الإمام ، ثم يقولون : الإمام إذا ظهر محدثا يتم المأموم صلاته ، فأين وجدت المتابعة ؟




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية