الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 86 ] قال : ( ولا تجزئ مقطوعة الأذن والذنب ) أما الأذن فلقوله عليه الصلاة والسلام : " { استشرفوا العين والأذن }" أي اطلبوا سلامتهما ، وأما الذنب فلأنه عضو كامل مقصود فصار كالأذن .

                                                                                                        قال : ( ولا التي ذهب أكثر أذنها وذنبها وإن بقي أكثر الأذن والذنب [ ص: 87 ] جاز ) ; لأن للأكثر حكم الكل بقاء وذهابا ، ولأن العيب اليسير لا يمكن التحرز عنه فجعل عفوا . واختلفت الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله في مقدار الأكثر ، ففي الجامع الصغير عنه وإن قطع من الذنب أو الأذن أو العين أو الألية الثلث أو أقل أجزأه وإن كان أكثر لم يجزه ; لأن الثلث تنفذ فيه الوصية من غير رضا الورثة فاعتبر قليلا وفيما زاد لا تنفذ إلا برضاهم فاعتبر كثيرا ، ويروى عنه الربع ; لأنه يحكى حكاية الكمال على ما مر في الصلاة .

                                                                                                        ويروى الثلث لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث الوصية : " { الثلث والثلث كثير }" وقال أبو يوسف ومحمد : إذا بقي الأكثر من النصف أجزأه اعتبارا للحقيقة على ما تقدم في الصلاة ، وهو اختيار الفقيه أبي الليث وقال [ ص: 88 ] أبو يوسف : أخبرت بقولي أبا حنيفة فقال قولي هو قولك ، قيل : هو رجوع منه إلى قول أبي يوسف ، وقيل : معناه قولي قريب من قولك ، وفي كون النصف مانعا روايتان عنهما كما في انكشاف العضو عن أبي يوسف ، ثم معرفة المقدار في غير العين متيسر ; وفي العين قالوا : تشد العين المعينة بعد أن لا تعتلف الشاة يوما أو يومين ، ثم يقرب العلف إليها قليلا قليلا فإذا رأته من موضع أعلم على ذلك المكان ثم تشتد عينها الصحيحة وقرب إليها العلف قليلا قليلا حتى إذا رأته من مكان أعلم عليه ، ثم ينظر إلى تفاوت ما بينهما ، فإن كان ثلثا فالذاهب الثلث وإن كان نصفا فالنصف .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث التاسع : قال عليه السلام : " { استشرفوا العين والأذن }" ; قلت : روي من حديث علي ; ومن حديث حذيفة . فحديث علي : أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن أبي إسحاق عن شريح بن النعمان عن علي ، قال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن }انتهى

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال : إسناده صحيح ، ورووه أيضا إلا أبا داود عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن [ ص: 87 ] علي بنحوه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والثمانين ، من القسم الأول ; والحاكم في " المستدرك " ، وصحح إسناده أيضا ، وقال : لم يحتج الشيخان بحجية بن عدي ، وهو من كبار أصحاب علي . وأما حديث حذيفة : فأخرجه البزار في " مسنده " ، والطبراني في " معجمه الأوسط " عن محمد بن كثير الملائي القرشي ثنا أبو سنان سعيد بن سنان عن أبي إسحاق الشيباني عن صلة بن زفر عن حذيفة ، قال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن نستشرف العين والأذن }انتهى

                                                                                                        بلفظ البزار ، قال الطبراني : قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : استشرفوا العين والأذن }انتهى

                                                                                                        وقال : لا يروى عن حذيفة إلا بهذا الإسناد ، وكذلك قال البزار : وزاد ، وقد روي عن علي من غير وجه ، انتهى

                                                                                                        الحديث العاشر : حديث سعد بن أبي وقاص : " { والثلث كثير }" أخرجه الأئمة الستة ، [ ص: 88 ] وسيأتي في " الوصايا " .




                                                                                                        الخدمات العلمية