الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 131 ] ذكر الخنثى

( قال الشافعي ) وإذا قطع ذكر الخنثى وقف فإن كان رجلا فكان قطع ذكره عمدا ، ففيه القود إلا أن يشاء الدية وإن كان خطأ ففيه الدية تامة وإن كان أنثى ففي ذكره حكومة وإن مات مشكلا فالقول قول الجاني أنه أنثى مع يمينه وفيه حكومة وإن أبى أن يحلف ردت اليمين على ورثة الخنثى يحلفون أنه بان ذكرا قبل أن يموت وفيه الدية تامة ولا يقبل قول ورثته بأنه بان ذكرا ولا الجاني بأنه بان أنثى إلا بأن يصف الحالف منهم ما إذا كان يصف قضي به على ما يقول وإن قالوا معا بان ولم يصفوا أو وصفوا فأخطئوا وقف حتى يعلم فإن لم يعلم ففيه حكومة .

وإن عدا رجل على خنثى مشكل فقطع ذكره وأنثييه وشفريه عمدا فسأل الخنثى القود قيل إن شئت وقفناك فإن بنت ذكرا أقدناك بالذكر والأنثيين وجعلنا لك حكومة في الشفرين وإن بنت أنثى فلا قود لك عليه وجعلنا لك دية امرأة تامة في الشفرين وحكومة في الذكر والأنثيين وإن مت قبل أن تبين فلك دية امرأة تامة وحكومة ; لأنا على إحاطة من أنك ذكر أو أنثى فأعطيناك دية أنثى بالشفرين وحكومة بالذكر والأنثيين ولو كنت ذكرا أعطيناك دية رجل بالذكر والأنثيين وحكومة بالشفرين فكان ذلك أكثر مما أعطيناك أولا فيدفع إليك ما لا يشك أنه لك وإن كان لك أكثر منه ولا يدفع إليك ما لا يدري لعل لك أقل منه وهكذا لو كان الجاني على هذا الخنثى المشكل امرأة لا يختلف ولو أراد القود لم يقد حتى يتبين أنثى فيقاد في الشفرين .

وتكون له حكومة في الذكر والأنثيين أو يبين ذكرا فيكون له ديتان في الذكر والأنثيين وحكومة في الشفرين ولا يكون له قود بأنها ليست بذكر وهي وإن كانت قطعت له شفرين فإنما قطعت شفرين زائدين في خلقته إن كان ذكرا لا شفرين كشفريها اللذين هما من تمام خلقتها ولو جنى عليه خنثى مشكل مثله كان هكذا لا يقاد حتى يتبين الجاني والمجني عليه معا فإذا كانا ذكرين ففيهما القود وإن كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى فلا قود وإذا جنى الرجل على الخنثى المشكل فقطع له ذكرا وأنثيين وشفرين فسأل عقل أقل ماله أعطيته إياه ثم إن بانت له زيادة زيدت وذلك إن أعطيته دية امرأة في الشفرين وحكومة في الذكر والأنثيين فتبين ذكرا فأزيده دية رجل ونصف ديته حتى أتم له بالأنثيين دية وبالذكر دية وأنظر في حكومة الذكر التي أخذت له أولا والأنثيين فإذا كانت أكثر من حكومة الشفرين رددت على الجاني ما زادت حكومة الذكر والأنثيين على دية الشفرين ثم جعلتها قصاصا من الدية والنصف الذي زدته إياها .

( قال ) ولو جنى رجل وامرأة على خنثى مشكل فقطعا الذكر والأنثيين والشفرين فسأل الخنثى القود كان كجناية كل واحد منهما على الأنثى ولا يقاد حتى يتبين ذكرا فيقاد من الذكر ، ويحكم له على المرأة بالأرش أرش امرأة أو يتبين امرأة فيقاد من المرأة ويحكم على الرجل بالأرش ، أرش امرأة ولو خلق لرجل ذكران أحدهما يبول منه والآخر لا يبول منه فأيهما بال منه فهو الذكر الذي يقضي به وتكون فيه الدية وفي الذي لا يبول منه حكومة وإن بال منهما جميعا فأيهما كان مخرجه أشد استقامة على مخرج الذكر فهو الذكر وإن كانا مستويين معا فأبقاهما الذكر فإن أشكلا فلا قود له وفي كل واحد منهما حكومة أكثر من نصف دية ذكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية