الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ( 131 ) ) .

قوله تعالى : ( زهرة ) : في نصبه أوجه ; أحدها : أن يكون منصوبا بفعل محذوف دل عليه : " متعنا " أي جعلنا لهم زهرة . . . والثاني : أن يكون بدلا من موضع " به " .

والثالث : أن يكون بدلا من أزواج ، والتقدير : ذوي زهرة ، فحذف المضاف .

ويجوز أن يكون جعل الأزواج زهرة على المبالغة ; ولا يجوز أن يكون صفة لأنه [ ص: 198 ] معرفة وأزواجا نكرة . والرابع : أن يكون على الذم ; أي أذم ، أو أعني . والخامس : أن يكون بدلا من " ما " اختاره بعضهم . وقال آخرون لا يجوز ; لأن قوله تعالى : ( لنفتنهم ) من صلة متعنا ; فيلزم منه الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي .

والسادس : أن يكون حالا من الهاء ، أو من " ما " وحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، وجر الحياة على البدل من " ما " اختاره مكي ، وفيه نظر .

والسابع : أنه تمييز لـ " ما " أو للهاء في به ; حكي عن الفراء ، وهو غلط لأنه معرفة .

قال تعالى : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ( 132 ) ) قوله تعالى : ( والعاقبة للتقوى ) : أي لذوي التقوى ، وقد دل على ذلك قوله : ( والعاقبة للتقوى ) .

قال تعالى : ( وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ( 133 ) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ( 134 ) ) .

قوله تعالى : ( أولم تأتهم ) : يقرأ بالتاء على لفظ البينة ، وبالياء على معنى البيان .

وقرئ " بينة " بالتنوين ، و " ما " بدل منها ، أو خبر مبتدأ محذوف ، وحكي عن بعضهم بالنصب والتنوين على أن يكون الفاعل " ما " و " بينة " حال مقدمة .

و ( الصحف ) : بالتحريك والإسكان .

( فنتبع ) : جواب الاستفهام .

و ( نذل ونخزى ) : على تسمية الفاعل ، وترك تسميته .

قال تعالى : ( قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ( 135 ) ) .

قوله تعالى : ( من أصحاب ) : " من " مبتدأ ، و " أصحاب " خبر ، والجملة في موضع نصب ، ولا تكون " من " بمعنى الذي ; إذ لا عائد عليها ، وقد حكي ذلك عن الفراء .

( الصراط السوي ) : فيه خمس قراءات : الأولى : على فعيل . أي المستوي . [ ص: 199 ] والثانية : السواء ; أي الوسط . والثالثة السوء - بفتح السين - بمعنى الشر . والرابعة : السوأى ، وهو تأنيث الأسوأ ، وأنث على معنى الصراط أي الطريقة ; كقوله تعالى : ( استقاموا على الطريقة ) . والخامسة : السوي على تصغير السوء .

و ( من أصحاب ) : بمعنى الذي ، وفيه عطف الخبر على الاستفهام ، وفيه تقوية قول الفراء .

ويجوز أن يكون " من " في موضع جر ; أي وأصحاب من اهتدى ; يعني النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون استفهاما كالأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية