الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 457 ] فائدة أخرى : امرأة ولدت ذكرا ، وأخرى أنثى ، وادعت كل واحدة : أن الذكر ولدها دون الأنثى . فقال في المغني ، والشرح : يحتمل وجهين : أحدهما : العرض على القافة مع الولدين . قال الحارثي قلت : وهذا المذهب على ما مر من نصه من رواية ابن الحكم .

والوجه الثاني : عرض لبنها على أهل الطب والمعرفة . فإن لبن الذكر يخالف لبن الأنثى في طبعه وزنته . وقيل : لبن الذكر ثقيل ، ولبن الأنثى خفيف . فيعتبران بطبعهما وزنتهما ، وما يختلفان به عند أهل المعرفة . قال الحارثي : وهذا الاعتبار إن كان مطردا في العادة غير مختلف : فهو إن شاء الله أظهر من الأول . فإن أصول السنة قد تخفى على القائف . قال في المغني : فإن لم يوجد قافة : اعتبر باللبن خاصة . وإن كان الولدان ذكرين أو أنثيين ، وادعتا أحدهما : تعين العرض على القافة قوله ( وإن نفته القافة عنهم ، أو أشكل عليهم ، أو لم يوجد قافة ) أو اختلف قائفان ( ضاع نسبه في أحد الوجهين ) . وهو المذهب . نص عليه في المسألة الأولى . وجزم به في العمدة ، والوجيز . واختاره أبو بكر . قال المصنف : قول أبي بكر أقرب . قال الحارثي : وهو الأشبه بالمذهب . وقدمه في الفروع . وفي الآخر : يترك حتى يبلغ ، فينتسب إلى من شاء منهم . قال القاضي : وقد أومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله . واختاره ابن حامد . وقطع به في العمدة والتلخيص . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفائق . [ ص: 458 ] قال الحارثي : ويحتمل أن يقبل من مميز أيضا . تفريعا على وصيته وطلاقه وعلى قبول شهادته . على رواية . والمذهب خلافه . وذكر ابن عقيل وغيره : هو لمن يميل بطبعه إليه . لأن الفرع يميل إلى الأصل . لكن بشرط أن لا يتقدمه إحسان . وقيل : يلحق بهما . اختاره في المحرر . ونقل ابن هانئ : يخير بينهما ، ولم يذكر قافة . وعنه : يقرع بينهما . فيلحق نسبه بالقرعة . وذكرها في المغني في كتاب الفرائض . نقله عنه في القواعد .

فوائد : منها : على قول ابن حامد ومن تابعه : لو ألحقته القافة بعد انتسابه بغير من انتسب إليه : بطل انتسابه . ومنها : ليس له الانتساب بالتشهي . بل بالميل الطبيعي الذي تثيره الولادة . ومنها : يستقر نسبه بالانتساب . فلو انتسب إلى أحدهما ، ثم عن له الانتساب إلى الثاني ، أو الانتفاء من الأول : لم يقبل . ومنها : لو انتسب إليهما جميعا لميله : لحق بهما . قاله الحارثي وغيره . ومنها : لو بلغ ولم ينتسب إلى واحد منهما ، لعدم ميله : ضاع نسبه . لانتفاء دليله . ولو انتسب إلى من عداهما ، وادعاه ذلك المنتسب إليه : لحقه . ومنها : وجوب النفقة . مدة الانتظار عليهما ، لإقراره بموجبها ، وهو الولادة . وكذلك في مدة انتظار البينة ، أو القافة .

تنبيه : قوله ( أو لم يوجد قافة ) حقيقة العدم : العدم الكلي . فلو وجدت بعيدة . ذهبوا إليها .

ومنها : لو قتله من ادعياه ، قبل أن يلحق بواحد منهما : فلا قود على واحد [ ص: 459 ] منهما . ولو رجعا ، لعدم قبوله . ولو رجع أحدهما : انتفى عنه . وهو كشريك الأب على ما يأتي في آخر كتاب الجنايات .

التالي السابق


الخدمات العلمية