الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب ما جاء في الضرير من خلقته لا من مرض يصيب الحد

أخبرنا الربيع قال : ( قال الشافعي ) رحمه الله : أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد وأبي الزناد كلاهما عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف { أن رجلا قال أحدهما أحبن وقال الآخر مقعد كان عند جوار سعد فأصاب امرأة حبل فرمته به فسئل فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به قال أحدهما جلد بأثكال النخل وقال الآخر بأثكول النخل } ( قال الشافعي ) وبهذا نأخذ إذا كان الرجل مضنوء الخلق قليل الاحتمال يرى أن ضربه بالسوط في الحد تلف في الظاهر ضرب بأثكال النخل ; لأن الله عز وجل قد حد حدودا منها حدود تأتي على النفس : الرجم والقتل غير الرجم بالقصاص فبينهما ، وحد بالجلد فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الجلد وكان بينا في كتاب الله عز وجل ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الضرب لم يرد به التلف وأنه إنما أريد - والله أعلم - النكال للناس عن المحارم ولعله طهور أيضا . فإذا كان معروفا عند من يحد أن حده للضرير تلف لم يضرب المحدود بما يتلفه وضربه بما ضربه به رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن قيل قد يتلف الصحيح المحتمل فيما يرى ويسلم غير المحتمل قيل إنما يعمل من هذا على الظاهر والآجال بيد الله عز وجل ( قال الشافعي ) فأما الحبلى والمريض [ ص: 148 ] فيؤخر حدهما حتى تضع الحبلى ويبرأ المريض وليس كالمضنوء من خلقته فخالفنا بعض الناس . فقال : لا أعرف الحد إلا واحدا وإن كان مضنوءا من خلقته قلت أترى الحد أكثر أم الصلاة ؟ قال كل فرض قلنا : قد يؤمر من لا يستطيع القيام في الصلاة بالجلوس ، ومن لا يستطيع الجلوس بالإيماء وقد يزيل الحد عمن لا يجد إليه سبيلا ( قال الربيع ) يريد كأن سارقا سرق ولا يدين له ولا رجلين فلم يجد الحاكم إلى أخذ ما وجب عليه من القطع سبيلا قال هذا اتباع ومواضع ضرورات . قلنا وجلد المضنوء بأثكال النخل اتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينبغي خلافه وموضع ضرورة . .

التالي السابق


الخدمات العلمية