الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( كقبله إن عجل دراهمه وغزل ينسجه لا أعرض ولا أصفق )

                                                                                                                            ش : قال في المدونة : وإن أسلمت إلى رجل في ثياب موصوفة [ ص: 544 ] فزدته قبل الأجل دراهم نقدا على أن يزيدك في طولها جاز ; لأنهما صفقتان ولو كانت صفقة واحدة ما جاز ا هـ .

                                                                                                                            وقال أبو الحسن : وأما إن زاده الدراهم قبل الأجل على أن يعطيه ثوبا أطول منه من صنفه فعند ابن القاسم ذلك جائز وهما صفقتان قال : ولو كانت صفقة واحدة ما جاز يريد أو اشترط عليه في أصل العقد أني أزيدك دراهم بعد مدة على أن تعطيني ثوبا أطول لم يجز قال : ولو زاده قبل الأجل على أن يعطيه ثوبا أصفق أو أراك لم يجز بخلاف إذا لم يخرجه عن الصفقة ; لأنه في إخراجه إياه عن الصفقة يدخله فسخ الدين في الدين وإذا لم يخرجه عن الصفقة ، وإنما زاده في الطول فإنما هي صفقة ثانية عند ابن القاسم كما ذكر ; لأن الأذرع المشترطة قد بقيت على حالها والذي استأنفوه صفقة أخرى ورآه سحنون غير جائز ، وهو فسخ الدين في الدين ا هـ .

                                                                                                                            فكأنه يقول إنه إذا زاده دراهم على أن زاده في الطول فكأن الثوب الأول باق على حاله وزاده تلك الدراهم على أن زاده أذرعا أخرى فهو صفقة ثانية وأما إذا زاده قبل الأجل على أن يعطيه أعرض أو أصفق فلا بد من تبديل ذلك الثوب المسلم فيه أو لا يشترطاه ; لأن العرض لا يزاد وكذا الصفاقة قال في التوضيح : ولتحقق أنهما صفقتان شرطوا أن يبقى للأجل مثل أجل السلم فأكثر ولزم تعجيل الدراهم المزادة ا هـ بالمعنى قال ابن يونس ولو زاده على أن أعطاه خلاف الصفقة لم يجز ويدخله فسخ الدين في الدين ; لأنه نقله عما أسلم فيه ا هـ .

                                                                                                                            وكلام التوضيح يوهم أنه أجاز في المدونة أن يزيده دراهم قبل الأجل على أن يعطيه ثوبا من خلاف صفقته وليس كذلك إنما قال ذلك في المدونة بعد الأجل قال في المدونة : فإن قيل لم منع التأخير بعده لعلة البيع والسلف وأجاز ذلك قبل الأجل ولم يعجل له ثوبا مؤجلا ودراهم نقدا بثوب مؤجل أطول منه فيكون دينا بدين كما قال سحنون قيل الفرق عنده أنه قبل الأجل لم يكن للمسلم تعجيل الثوب حتى يعد تأخيره سلفا وأما بعد فقد ملك تعجيله فيكون تأخيره به سلفا والزيادة بيعا فيدخله البيع والسلف ا هـ وعلم من هذا شرح قول المصنف لا أعرض وأصفق وأما قوله : وغزل ينسجه فإشارة لما ذكره ابن القاسم في المدونة على جهة الاستدلال لإجازته الزيادة في طول الثوب المسلم فيه قبل الأجل وأن ذلك صفقتان فإنه قال إثر الكلام المتقدم : كما لو دفعت إليه غزلا ينسجه ثوبا ستة في ثلاثة ، ثم زدته دراهم وغزلا على أن يزيدك في طول أو عرض فلا بأس به وهما خفيفتان وهذه إجارة والإجارة بيع من البيوع يفسدها ما يفسد البيع ا هـ فمسألة الغزل الذي ينسجه ليس من مسائل السلم ، وإنما هي من مسائل الإجارة ولذا جاز فيها أن يزيده غزلا ودراهم على أن يزيده في العرض ; لأنه لا يدخله هنا فسخ الدين في الدين ; لأنه إنما يزيده من غزله ولكن الزيادة في العرض إنما تمكن إذا كان ذلك قبل أن ينسج له شيئا ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية