الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
166 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا . ثم قال : " هذا سبيل الله " ، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال : " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ، وقرأ : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه الآية . رواه أحمد ، والنسائي ، والدارمي .

التالي السابق


166 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : خط لنا ) ، أي : لأجلنا تعليما وتفهيما وتقريبا لأن التمثيل يجعل المقصود من المعنى كالمحسوس من المشاهد في المبنى ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطا ) ، أي : مستويا مستقيما ( ثم قال : ( هذا سبيل الله ) ، أي : هذا الرأي القويم والصراط المستقيم ، وهما الاعتقاد الحق والعمل الصالح ، وهذا الخط لما كان مثالا سماه سبيل الله . كذا قاله ابن الملك .

والأظهر أن المشار إليه هذا هو الخط المستوي ، والتقدير : هذا مثل سبيل الله أو هذا سبيل الله مثلا ، وقيل : تشبيه بليغ معكوس أي سبيل الله الذي هو عليه وأصحابه مثل الخط في كونه على غاية الاستقامة ( ثم خط خطوطا ) ، أي : سبعة صغارا منحرفة ( عن يمينه ) ، أي : عن يمين الخط المستوي ( وعن شماله ) : كذلك ( وقال : ( هذه ) ، أي : الخطوط ( سبل ) ، أي : غير سبيل الله ، أو سبيل للشيطان لقوله ( على كل سبيل ) ، أي : رأسه ( منها ) ، أي : من السبل ( شيطان ) : من الشياطين ( " يدعو " ) ذلك الشيطان الناس ( إليه ) ، أي : إلى سبيل من السبل ، وفيه إشارة إلى أن سبيل الله وسط ليس فيه تفريط ولا إفراط ، بل فيه التوحيد والاستقامة ومراعاة الجانبين في الجادة ، وسبل أهل البدع مائلة إلى الجوانب ، وفيها تقصير وغلو وميل وانحراف وتعدد واختلاف ، كالقدرية والجبرية والخوارج والروافض والمعطلة والمشبهة . ( وقرأ ) ، أي : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما هو ظاهر ، ويحتمل أن يرجع الضمير إلى ابن مسعود حكاية عن قول الله تعالى : وأن هذا : بالفتح والتشديد ، وتقديره واتل عليهم ، أو يقدر اللام ، وبالكسر استئناف ، وبالفتح والتخفيف على أن فيه ضمير القصة وهذا رفع وقوله : صراطي خبر وهو بسكون الياء وفتحها صراطي مستقيما نصب على الحال ، والعامل فيه معنى التنبيه أو الإشارة فاتبعوه ، أي : صراطي وسبيلي ( الآية ) : بعدها ولا تتبعوا السبل أي سبل الشياطين المنحرفة الزائغة المتشعبة من طرق الشرك والبدعة التي أشار إليها - صلى الله عليه وسلم - بقوله : " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا التي على ما كنت عليه أنا وأصحابي " وبهذا الحديث يندفع زعم كل فريق أنه على الصراط المستقيم .

فتفرق بكم بحذف إحدى التاءين عن سبيله إشارة إلى أنه لا يمكن اجتماع سبيل الحق مع السبل الباطلة . ذلكم وصاكم ، أي : الله به لعلكم تتقون أي لكي تتقوه ، أي : عذابه أو مخالفته أو سبيل غيره ( رواه أحمد ، والنسائي ، والدارمي ) .

[ ص: 255 ]



الخدمات العلمية