الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                المواضع التي يجب فيها مهر المثل هي سبعة الأول : - النكاح إذا لم يسم الصداق ، أو تلف المسمى قبل قبضه ; أو بعضه ، أو تعيب ، أو وجدته معيبا واختارت الفسخ أو بان مستحقا أو فسد لكونه غير مملوك كحر ومغصوب أو مجهولا أو شرط الخيار فيه ، أو شرط في العقد شرط يخل بمقصوده الأصلي كأن لا يتزوج عليها أو نكح على ألف إن لم يسافر بها وألفين إن سافر ، وعلى أن لأبيها ألفا ، أو تضمن الربا كزوجتك بنتي وبعتك هذه المائة من مالها بهاتين المائتين ، أو جمع نسوة بمهر واحد ، أو تضمن إثباته دفعه كأن يزوج ابنه بامرأة ويصدقها أمة ; لأنه [ ص: 367 ] يتضمن دخولها أولا في ملك الابن ; فتعتق ، فلا تنتقل إلى الزوجة صداقا .

                أو بعقد المجبر أو ولي السفيهة بأقل من مهر المثل ، أو لابنه أو السفيه بأكثر ، أو يخالف ما أمرت به الرشيدة ، أو يفسخ بعد الدخول بعيب أو تغرير ، أو اختلفا في المهر أو تحالفا ، أو نكحها على ما يتفقان عليه في ثاني الحال ، أو أسلما وقد عقدا على فاسد ، ولم يقبضاه ، أو زوجه ابنته بمتعة جاريته أو جاريته على أن يزوجه ابنته ، ورقبتها صداقها ، أو طلق زوجته على أن يزوجه ابنته ، وبضعها صداقها .

                الموضع الثاني الخلع : إذا فسد المسمى بغالب الصور المذكورة .

                الثالث : الوطء في غير نكاح صحيح : إما فاسد أو بشبهة أو إكراه ، أو أمة ابنه أو مشتركة أو مكاتبة ، أو زوجة رجعية أو مرتدة موقوفة في العدة ، أو أمته المرهونة أو المشتراة فاسدا ، أو في نكاح المتعة .

                الرابع : الرضاع إذا أرضعت أمه أو أخته ، زوجته ، أو الكبرى الصغرى ، انفسخ النكاح وله على المرضعة نصف مهر المثل في الأظهر ، وكله في الثاني ، ولو أرضعت أم الكبرى الصغرى انفسختا ، وله على المرضعة مهر المثل لأجل الكبرى ونصف للصغرى .

                الخامس : في رجوع الشهود بعد الشهادة بطلاق بائن ، أو رضاع أو لعان وفرق القاضي ، فإن الفراق يدوم وعليهم مهر مثل ، وفي قول : نصفه إن كان قبل الوطء .

                الموضع السادس : الدعوى : إذا أقرت لأحد المدعيين بالسبق ثم للآخر ، يجب له عليها مهر المثل أو للزوج أنه راجعها بعد ما تزوجت .

                السابع : إذا جاءت المرأة مسلمة ، في زمن الهدنة ، غرم لزوجها الكافر مهر مثلها ، على قول مرجوح . [ ص: 368 ] وقت اعتباره ومكانه يعتبر فيه الوطء بالشبهة يوم الوطء ، وكذا في النكاح الفاسد ولا يعتبر يوم العقد إذ لا حرمة له وفي النكاح الصحيح : إذا لم يسم فيه ووطئ ، هل يعتبر يوم الوطء ، أو العقد ، أو الأكثر من العقد إلى الوطء ؟ أوجه أصحها في أصل الروضة ، الثالث وفي المنهاج والمحرر والشرح الصغير .

                الثاني ونقله الرافعي : في سراية العتق عن الأكثرين . وإن مات وأوجبنا مهر المثل ، وهو الأظهر فهل يعتبر يوم العقد ، أو الموت ، أو الأكثر ؟ أوجه في أصل الروضة بلا ترجيح . وأما مكانه فيجب من نقد البلد حالا بقيمة المتلفات ما يتعدد فيه وما لا يتعدد : لا يتعدد بتعدد الوطء في نكاح صحيح ، كما هو معلوم ، ولا في نكاح فاسد ، أو شبهة واحدة .

                ومنه : وطء جارية الابن ، والمكاتبة والمشتركة ، على الأصح سواء اتحد المجلس أم لا ويتعدد إن زالت الشبهة ، ثم وطئ بشبهة أخرى وبالإكراه على الزنا ، ووطء الغاصب والمشتري منه إن كان في حال الجهل ، لم يتعدد ; لأن الجهل بشبهة واحدة أو العلم ، وهي مكرهة ، فقد تقدم أنه يتعدد .

                وحيث قلنا بالاتحاد : اعتبر أعلى الأحوال ومحله كما قال الماوردي : إذا لم يؤد المهر فإن أدى قبل الوطء الثاني وجب مهر جديد ومحله في المكاتبة : ما إذا لم تحمل ، فإن حملت خيرت بين المهر والتعجيز فإن اختارت المهر ووطئت مرة أخرى ، فلها مهر آخر نص عليه الشافعي ، كما نقله في المهمات وعبارته : فإن أصابها مرة أو مرارا ، فلها مهر واحد ، إلا أن تتخير فتختار الصداق أو العجز ، فإن خيرت ، فعاد فأصابها السيد ، فلها صداق آخر ، وكلما خيرت فاختارت الصداق ثم أصابها فلها صداق آخر ، كنكاح المرأة نكاحا فاسدا ، يوجب مهرا واحدا فإذا فرق بينهما وقضي بالصداق ، ثم نكحها نكاحا آخر فلها صداق آخر .

                [ ص: 369 ] تنبيه :

                يجب مهران في وطء زوجة الأصل أو الفرع بشبهة إذا كانت مدخولا بها : مهر لها ومهر لزوجها ، لفواتها عليه بالانفساخ - ويجب مهر ونصف في غير المدخول بها ، وهو غريب لا نظير له ويقرب منه : إتلاف الصيد المملوك في الحرم أو الإحرام ، فإن فيه الجزاء بالمثل لحق الله تعالى والقيمة لمالكه ، وفي ذلك قال ابن الوردي :

                عندي سؤال حسن مستظرف فرع على أصلين قد تفرعا     متلف مال برضى مالكه
                ويضمن القيمة والمثل معا

                ويشبه هذا الفرع : العبد المغصوب يجني بقدر قيمته ، فيتلفه الغاصب ، فإنه يضمن فيه قيمتين لكن الجناية بالغصب لا بالإتلاف .

                مهمة :

                صحح الشيخان في الغصب وفي الوطء بشبهة أو إكراه : أنه إذا أزال البكارة بالوطء وجب مهر ثيب وأرش البكارة ; وفي الرد بالعيب مهر بكر فقط ، ثم يندرج الأرش .

                وفي البيع الفاسد : مهر بكر وأرش البكارة قال السبكي : الغصب أولى ، بلزوم ذلك من البيع الفاسد .

                وقال في المهمات : هذا الذي قالاه في غاية الغرابة حيث جزما في الشراء الفاسد بإيجاب زيادة لم نوجبها - في الغصب ، ولم يحكيا في إيجابها خلافا مع اختلافهم في أن البيع الفاسد هل يغلظ فيه ، كما يغلظ في الغصب أم لا ؟ وأما كونه أغلظ فلا قائل به

                ضابط :

                ليس لنا مضمون يختلف باختلاف الضامنين إلا في مهر المثل : إذا خفض للعشيرة دون غيرهم أو بالعكس ، ذكره الروياني .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية