الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النوع العشرون : الاعتراض وسماه قدامة التفاتا ، وهو الإتيان بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب ، في أثناء كلام أو كلامين اتصلا معنى ، لنكتة غير دفع الإيهام ؛ كقوله : ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون [ النحل : 57 ] ، فقوله : ( سبحانه ) اعتراض لتنزيه الله سبحانه وتعالى عن البنات ، والشناعة على جاعليها ، وقوله : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين [ الفتح : 27 ] . فجملة الاستثناء اعتراض للتبرك .

ومن وقوعه بأكثر من جملة : فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين نساؤكم حرث لكم [ البقرة : 222 ، 223 ] ، فقوله : ( نساؤكم ) متصل بقوله : ( فأتوهن ) ؛ لأنه بيان له ، وما بينهما اعتراض للحث على الطهارة وتجنب الأدبار .

وقوله : ياأرض ابلعي ماءك إلى قوله : وقيل بعدا [ هود : 44 ] ، فيه اعتراض بثلاث جمل ، وهي : ( وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي ) ، قال في " الأقصى القريب " : ونكتته إفادة أن هذا الأمر واقع بين القولين لا محالة ، ولو أتى به آخرا لكان الظاهر تأخره ، فبتوسطه ظهر كونه غير متأخر ، ثم فيه اعتراض ، فإن : ( وقضي الأمر ) معترض بين ( وغيض ) و ( واستوت ) ؛ لأن الاستواء يحصل عقب الغيض .

وقوله : ولمن خاف مقام ربه جنتان إلى قوله : متكئين على فرش [ الرحمن : 46 ، 54 ] ، فيه اعتراض بسبع جمل إذا أعرب حالا منه .

ومن وقوع اعتراض في اعتراض : فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم [ الواقعة : 75 - 77 ] ، اعتراض بين القسم وجوابه بقوله : ( وإنه لقسم ) الآية . وبين القسم وصفته بقوله : ( لو تعلمون ) تعظيما للمقسم به ، وتحقيقا [ ص: 129 ] لإجلاله ، وإعلاما لهم بأن له عظمة لا يعلمونها .

قال الطيبي في " التبيان " : ووجه حسن الاعتراض حسن الإفادة ، مع أن مجيئه مجيء ما لا يترقب ، فيكون كالحسنة تأتيك من حيث لا تحتسب .

التالي السابق


الخدمات العلمية